من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية

حسن حنفی d. 1443 AH
144

من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية

من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية

ژانرها

الذي يكمل القياس نهائيا ويطلقه من بدايته الحسية.

13 (4-3) ما لا دليل عليه يجب نفيه

ويتفق عليه علماء الأصول؛ أصول الفقه وأصول الدين. فالدليل على الشيء وجوده. وما الفائدة من وجود شيء لا دليل عليه؟ وجود الشيء هو البرهان عليه، والبرهان على الشيء هو الذي يوجده. فالبرهان علة الوجود، والدليل أساسه؛ لذلك كان العلم أساسا هو الاستدلال إثباتا أو نفيا، بالعقل أم بالواقع. وكان هم المتكلمين نقد أدلة المثبتين لشيء وبيان ضعفها عقلا أو حصرها، ثم نفيها واقعا. ولولا ذلك لانتفت الضروريات لجواز أن تكون هناك أشياء لا نراها ولا دلائل عليها، ولانتفت النظريات لجواز معارض للدليل لا نعلمه. ولما كان ما لا دليل عليه لا متناه كان إثباته محالا؛ إذ إن قدرات الإنسان تمنع من إثبات شيء لا دليل عليه. وإذا كان عدم الدليل في نفس الأمر ممتنع، فذلك يكون دافعا على البحث الدائب عن الدليل وعدم إثبات شيء لا دليل عليه، وعدم الرضا بالعلم الظني والمشكوك فيه والجهل، والوهم، ودفع المعارض؛ لأن ذلك ضروري في القطعيات. والدليل هو الدليل العقلي الخالص الذي يشمل الحس والوجدان والذي لا يعتمد على الإيمان بشيء مسبقا وإلا كان حكما وابتسارا. وذلك يتطلب قدرا من الشجاعة والاعتراف، فوجود الأشياء معرفتنا لها ؛ ومن ثم تكون الأولوية المطلقة للمعرفة على الوجود.

14 (5) المقدمات

وهي مادة العلم التي يتم الاستدلال عليها وهي على نوعين: قطعية وظنية. (5-1) المقدمات القطعية

وهي المقدمات التي تنشأ منها نتائج قطعية، إذا صح الاستدلال، وتأتي القطعية من طبيعة مادة المقدمات اليقينية، وكأن الصواب والخطأ ليس من صورة العلم وحدها، ولكن أيضا من مادته، وهي سبع. (1)

الأوليات: وهي البداهات التي لا تخلو أي نفس منها بعد تصور الطرفين، مثل المسلمات والبديهيات. وتعتمد عليها نظرية العلم في بداية العلم، وذلك مثل وجود الإنسان ووجود العالم والحقائق الضرورية النظرية أو العملية ومنها شهادات الوجدان التي لا تقل بداهة عن أوائل العقول. (2)

الحدسيات: وهي البديهيات العقلية الخالصة، مثل دلالة إتقان الصنعة على الصانع. وهي استدلال مباشر بلا مقدمات وتوسط، بل بالقفز من المقدمات إلى النتائج مباشرة. وهي مثل الأوليات، ولكن مع قدر من الاستدلال الحدسي أو مثل القضايا التي قياساتها معها دون أن تكون متضمنة فيها. وهو ما يدركه الحس أو العقل أو الوجدان مرة واحدة بلا تأمل أو انتظار أو تكرار أو تحقق. وقد يكون وجوديا كوجود الإنسان، أو بدنيا كالصحة والمرض، أو «فزيولوجيا» كاللذة والألم، أو عاطفيا كالغم والفرح، أو إراديا كالقدرة والعجز، أو نزوعيا كالإرادة والكراهة، أو إدراكيا كالإدراك والعمى.

15

وهناك معارف ضرورية حدسية تخبر عن الواقع بالخطاب الذي يلقيه المتكلم على السامع. والعلم بالانفعالات النفسية عن الآخرين علم بديهي بشرط وجود الأمارة مثل حمرة الخجل وصفرة الوجل. والعلم بالمبادئ الخلقية أيضا علم بديهي. (3)

صفحه نامشخص