Memoirs of a Witness to the Century
مذكرات شاهد للقرن
پژوهشگر
(إشراف ندوة مالك بن نبي)
ناشر
دار الفكر
شماره نسخه
الثانية
سال انتشار
١٤٠٤هـ - ١٩٨٤م
محل انتشار
دمشق - سورية
ژانرها
في الدواوير المحيطة لم تزل التقاليد القديمة بعد حية. فالناس في (الدواوير) يدفعون فوق ضرائبهم الزمنية لسيدي الحاكم الحصة السنوية للشيخ، فكانت الزوايا تستلم زكاة المنطقة بأسرها.
تمادى بنا الحديث إذن في هذا الإطار التقليدي الذي تجري في داخله حياة الفلاح النشيطة، ويميزها من وقت لآخر حدث بارز يصبح تاريخًا في ذاكرته.
فالفلاح يؤرخ لأحداثه في دويرته أو في قبيلته بهذه الطريقة: إنه يقول مثلًا: «عام الرز- سنة الجليد- سنة الجراد- عام وفاة أو زواج فلان أو زيارة الشيخ فلان». أما المعمرون منهم فيقولون (عام المحلة)؛ ذلك الجيش المستعمر الذي أُرسل عام ١٨٨١ ضد باي تونس، وعام (الماشينة)؛ حينما وفد أول قطار إلى تبسة.
هكذا يصبح تنفيذ الحكم نفسه حدثًا ثقافيًا في هذا الإطار. والحديث يستأنف مجراه حول الذكريات والنوادر والملح والأسئلة، في الهواء الطلق ورائحة الفطر تنفتح لها شهيتنا حين تدير زوج مضيفنا في (طاجنها) ذلك النوع من طبق الفخار ينضج عليه الخبز.
سي (الجودي) كان يحمل معه فوق الحكم الذي ينفذه، علم الفقه المتعلق بشروط الزواج والطلاق والزكاة والحج، وشيئًا من السنن المؤكدة لأفعال الرسول. فالفلاحون يحبون أن يصححوا مواقفهم أمام ضميرهم وأمام الآخرين، بالرجوع إلى أقوال النبي التي نقلت إليهم بقليل أو كثير من الأمانة عبر المشايخ الذين يزورونهم، وقد حفظها الناس حفظًا يتفاوت في أمانته أيضًا.
فحينما يجد هؤلاء الناس فرصة الاغتراف من علم أوثق، فإنهم لا يترددون في الاستفادة منها. وهكذا يطرحون الأسئلة، وسي الجودي كان ضليعًا في هذه المواضيع.
1 / 164