التفتت إليزابيث له وقالت بنبرة صارمة: «أيها الكولونيل، لا يمكنني أن أضطلع بأي دور في هذا الأمر. لا بد أن تقرر جورجيانا بنفسها أين ستكون سعادتها. جل ما يمكنني قوله أنها إذا وافقت على الزواج منك فإنني سأشارك زوجي سروره برباط كهذا. لكن هذا ليس أمرا يمكنني التأثير فيه. الأمر كله في يد جورجيانا.» «كنت أعتقد أنها ربما حدثتك؟» «لم تبح لي بأي شيء، ولن يكون من اللائق بالنسبة إلي أن أطرح هذا الأمر للنقاش معها حتى تختار - أو إذا ما اختارت - هي ذلك.»
بدا للحظة أن حديثها يبث فيه شعورا بالارتياح، لكنه عاد للحديث عن الرجل الذي يعتقد بأنه منافسه، وكأنه كان مكرها على ذلك. «إن ألفيستون شاب وسيم ومقبول، ويتحدث بطريقة لبقة. لا شك أن الوقت والمزيد من النضج سيهدئان من ثقته المفرطة ونزعته لإظهار احترام أقل لمن يكبرونه سنا وذاك أمر مؤسف بالنسبة إلى شخص مثله. ولا شك عندي أنه ضيف مرحب به في هايمارتن، لكنني مندهش كثيرا من أنه يستطيع تكرار زيارة السيد والسيدة بينجلي بهذه الكثرة. فالمحامون الناجحون لا يبددون أوقاتهم بهذا الشكل.»
لم ترد عليه إليزابيث واعتقد هو أن توجيه النقد - بشكليه الصريح والضمني - ربما كان تصرفا طائشا. فأضاف: «لكنه عادة ما يكون في ديربيشاير في أيام السبت أو الأحد أو حين لا تكون المحاكم منعقدة. وأعتقد أنه يستغل الوقت في الدراسة متى ما أتيح له ذلك.»
قالت إليزابيث: «تقول أختي إنها لم يأتها زائر قط يقضي مثل ما يقضي هو من وقت في المكتبة.»
ساد الصمت لحظة أخرى ثم قال هو: «هل أستنتج من ذلك أن جورج ويكهام لا يزال غير مرحب به في بيمبرلي؟» وقد أثار ذلك دهشتها وانزعاجها. «لا، إطلاقا. لم أره أنا ولا السيد دارسي ولم نتواصل معه منذ كان في لونجبورن بعد زواجه من ليديا.»
ساد الصمت بينهما مرة أخرى وقتا أطول ثم بعد ذلك قال الكولونيل فيتزويليام: «من المؤسف ما حدث مع ويكهام حين كان صغيرا. لقد تربى مع دارسي كأخ وأخت. وربما كان هذا مفيدا لهما كليهما حين كانا طفلين؛ وبالنظر إلى عاطفة السيد دارسي الراحل تجاه خادمه، كان من الإحسان الطبيعي بعد وفاة الأخير أن يتحمل بعض مسئوليات الطفل. لكن بالنسبة إلى صبي بطباع ويكهام - بجشعه وطموحه ونزعته إلى الحسد - كان من الخطر عليه أن يتمتع بثروة لم يكن بمقدوره أن يتشارك فيها بمجرد انتهاء مرحلة الصبا. وفي فترة الجامعة ارتاد كل منهما كلية مختلفة، وبالطبع لم يشارك في رحلة دارسي إلى أوروبا. ربما حدثت التغيرات في أوضاعه وتوقعاته بصورة جذرية ومفاجئة للغاية. ولدي أسبابي التي تدفعني لأن أعتقد أن الليدي آن دارسي كانت ترى ذلك الخطر قادما.»
قالت إليزابيث: «لا يمكن أن يكون ويكهام قد توقع أن يشارك في الجولة الكبرى.» «ليس لدي علم بما توقع ويكهام، عدا أنه كان دوما يفرط في توقعاته.»
قالت إليزابيث: «ربما كانت المنن الأولى التي حصل عليها في البداية غير حكيمة بدرجة ما، ومن السهل دوما أن يشكك المرء في حكم الآخرين في أمور ينقصنا فيها الكثير من المعرفة.»
تململ الكولونيل في كرسيه. وقال: «لكن لا يمكن أن يكون هناك عذر لخيانة ويكهام للثقة التي يحظى بها من خلال محاولة إغواء الآنسة دارسي. كان ذلك عملا شائنا لا يمكن لأي اختلاف في ظروف الميلاد أو التربية أن يشكل مبررا له. وبصفتي وصيا مشاركا على الآنسة دارسي، فإنني علمت بالطبع بتلك العلاقة الشائنة، لكنها أصبحت أمرا أبعدته عن تفكيري. وأنا لم أتحدث عن الأمر مع دارسي قط، وأعتذر عن الحديث بشأنه الآن. لقد أظهر ويكهام أنه ينتمي إلى الجانب الأيرلندي، وهو الآن بطل قومي من نوع ما، لكن لا يمكن لذلك أن يمحو ما حدث بالماضي، رغم أن ذلك قد يمده بالفرص ليعيش حياة أكثر احتراما ونجاحا في المستقبل. وقد ترك الخدمة في الجيش - بصورة غير حصيفة في رأيي - لكنه لا يزال صديقا لرفاقه العسكريين كالسيد ديني، الذي ستذكرين أنني عرفتك به للمرة الأولى في ميريتون. لكن لم يكن ينبغي لي أن أذكر اسمه في حضورك.»
لم يصدر عن إليزابيث أي رد، وبعد برهة قصيرة من الصمت، نهض الكولونيل على قدميه وانحنى ثم غادر. كانت إليزابيث على علم أن أيا منهما لم يجد ارتياحا في هذه المحادثة. فالكولونيل فيتزويليام لم يجد ما كان يأمل من موافقتها الصادقة والتأكيد على دعمها وخشيت إليزابيث من أن تدمر الإهانة والإحراج صداقة دامت منذ الصبا، وتعز على زوجها، وهذا إذا ما فشل الكولونيل فيتزويليام في أن يظفر بجورجيانا. ولم يكن لدى إليزابيث أي شك في أن دارسي سيقبل بالكولونيل فيتزويليام زوجا لجورجيانا. فما كان يطمح إليه قبل كل شيء هو الأمان لها، ومعه ستكون جورجيانا في مأمن؛ وحتى فرق السن سيرى على أنه ميزة على الأرجح. وبمرور الوقت ستحصل جورجيانا على لقب كونتيسة، ولن يكون المال أمرا يقلق الرجل المحظوظ الذي سيتزوجها. وتمنت إليزابيث أن تسوى هذه المسألة بطريقة أو بأخرى. ربما ستصل الأحداث إلى ذروتها غدا أثناء الحفل الراقص الذي ستزداد فيه احتمالية أن يجلسا معا، وستتاح فيه فرصة أن يهمس الراقصون بعضهم إلى بعض أثناء الرقص، فمن المعروف أن الحفلات تتسبب في أن تصل الأحداث السعيدة منها وغير السعيدة إلى خاتمة لها. كل ما أملت به إليزابيث هو أن يرضى كل المعنيين، ثم ابتسمت بسبب فرضية أن هذا يمكن أن يحدث.
صفحه نامشخص