موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

ابن محمد جمال الدین قاسمی d. 1332 AH
94

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

پژوهشگر

مأمون بن محيي الدين الجنان

ناشر

دار الكتب العلمية

يُضِيفُ. وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَا الْإِيمَانُ قَالَ: إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَبَذْلُ السَّلَامِ. وَقَالَ ﷺ فِي الْكَفَّارَاتِ وَالدَّرَجَاتِ: إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَالصَّلَاةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ. أَمَّا الدَّعْوَةُ: فَيَنْبَغِي لِلدَّاعِي أَنْ يَعْمِدَ بِدَعْوَتِهِ الْأَتْقِيَاءَ دُونَ الْفُسَّاقِ، قَالَ ﷺ: أَكَلَ طَعَامَكَ الْأَبْرَارُ. وَفِي أَثَرٍ: لَا تَأْكُلْ إِلَّا طَعَامَ تَقِيٍّ وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ خَاصَّةً بَلْ يَضُمُّ مَعَهُمُ الْفُقَرَاءَ. قَالَ ﷺ: شَرُّ الطَّعَامِ الْوَلِيمَةُ يُدْعَى إِلَيْهَا الْأَغْنِيَاءُ وَيُحْرَمُ مِنْهَا الْفُقَرَاءُ. وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُهْمِلَ أَقَارِبَهُ فِي ضِيَافَتِهِ فَإِنَّ إِهْمَالَهُمْ إِيحَاشٌ وَقَطْعُ رَحِمٍ، وَكَذَلِكَ يُرَاعِي التَّرْتِيبَ فِي أَصْدِقَائِهِ وَمَعَارِفِهِ فَإِنَّ فِي تَخْصِيصِ الْبَعْضِ إِيحَاشًا لِقُلُوبِ الْبَاقِينَ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَقْصِدَ بِدَعْوَتِهِ الْمُبَاهَاةَ وَالتَّفَاخُرَ بَلِ اسْتِمَالَةَ قُلُوبِ الْإِخْوَانِ وَإِدْخَالَ السُّرُورِ عَلَى قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَدْعُوَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ وَإِذَا حَضَرَ تَأَذَّى بِالْحَاضِرِينَ بِسَبَبٍ مِنَ الْأَسْبَابِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَدْعُوَ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ إِجَابَتَهُ. وَأَمَّا الْإِجَابَةُ: فَهِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَقَدْ قِيلَ بِوُجُوبِهَا فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَلَهَا خَمْسَةُ آدَابٍ: الْأَوَّلُ: أَنْ لَا يُمَيِّزَ الْغَنِيَّ بِالْإِجَابَةِ عَنِ الْفَقِيرِ فَذَلِكَ هُوَ التَّكَبُّرُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ. الثَّانِي: أَنْ لَا يَمْتَنِعَ عَنِ الْإِجَابَةِ لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ كَمَا لَا يَمْتَنِعُ لِفَقْرِ الدَّاعِي وَعَدَمِ جَاهِهِ، بَلْ كُلُّ مَسَافَةٍ يُمْكِنُ احْتِمَالُهَا فِي الْعَادَةِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ لِأَجْلِهَا. الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَمْتَنِعَ لِكَوْنِهِ صَائِمًا بَلْ يَحْضُرُ فَإِنْ كَانَ يَسُرُّ أَخَاهُ إِفْطَارُهُ فَلْيُفْطِرْ، وَلْيَحْتَسِبْ فِي إِفْطَارِهِ بِنِيَّةِ إِدْخَالِ السُّرُورِ عَلَى قَلْبِ أَخِيهِ مَا يَحْتَسِبُ فِي الصَّوْمِ وَأَفْضَلَ، وَذَلِكَ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ وَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ مُتَكَلِّفٌ فَلْيَتَعَلَّلْ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: «مِنْ أَفْضَلِ الْحَسَنَاتِ إِكْرَامُ الْجُلَسَاءِ بِالْإِفْطَارِ»، فَالْإِفْطَارُ عِبَادَةٌ بِهَذِهِ النِّيَّةِ وَحُسْنُ خُلُقٍ فَثَوَابُهُ فَوْقَ ثَوَابِ الصَّوْمِ، وَمَهْمَا لَمْ يُفْطِرْ فَضِيَافَتُهُ الطِّيبُ وَالْمِجْمَرَةُ وَالْحَدِيثُ الطَّيِّبُ. الرَّابِعُ: أَنْ يَمْتَنِعَ عَنِ الْإِجَابَةِ إِنْ كَانَ الطَّعَامُ طَعَامَ شُبْهَةٍ أَوْ كَانَ يُقَامُ فِي الْمَوْضِعِ مُنْكَرٌ أَوْ كَانَ الدَّاعِي ظَالِمًا أَوْ فَاسِقًا أَوْ مُتَكَلِّفًا طَلَبًا لِلْمُبَاهَاةِ وَالْفَخْرِ.

1 / 97