موارد الظمآن لدروس الزمان
موارد الظمآن لدروس الزمان
شماره نسخه
الثلاثون
سال انتشار
١٤٢٤ هـ
ژانرها
كُلَّ حَيٍ فَبَلَغَتْ رَحْمَتُهُ حَيْثُ بَلَغَ عِلْمُهُ فاسْتَوَى على عَرْشِهِ بِرَحْمَتِهِ وَخَلَقَ خَلْقَهُ بِرَحْمَتِهِ وأَنْزَلَ كُتُبَهُ بِرَحْمَتِهِ وأَرْسَلَ رُسُلَهُ بِرَحْمَتِهِ وَشَرَعَ شَرَائِعَهُ بِرَحْمَتِهِ وَخَلَقَ الجَنَّةَ بِرَحْمَتِهِ والنارَ أيضًا بِرَحْمَتِهِ فإِنها سَوْطُهُ الذي يَسُوقُ بِهِ عِبَادَهُ المؤمنينَ إلى جَنَّتِهِ وَيُطَهِّرُ بِهَا أدْرَانَ الْمُوَحِّدِينَ مِنْ أَهْلِ مَعْصِيَتِهِ وَسِجْنُهُ الذي يَسْجِنُ فيهِ أَعدَاءَهُ مِنْ خَلِيقَتِهِ.
فَتَأَمَّلْ مَا في أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَوَصَايَاهُ وَمَوَاعِظِهِ مِنَ الرَّحْمَةِ الْبَالِغَةِ والنِّعْمَةِ السَّابِغَةِ وَمَا فِي حَشْوِهَا مِنَ الرَّحْمَةِ والنَّعِمْةِ فَالرَّحْمَةُ هِيَ السَّبَبُ الْمُتَّصِلُ مِنْهُ بِعِبَادِهِ كَمَا أَنَّ الْعُبُودِيَّةَ هِيَ السَّبَبُ الْمُتَّصِلُ مِنْهُمْ بِهِ فَمِنْهُمْ إِليهِ الْعُبُودِيَّةُ وَمِنْهُ إِليهِم الرَّحْمَةُ.
وَمِنَ أَخَصَّ مَشَاهِدِ الاسْمِ شُهُودُ الْمُصَلِّي نَصِيبُهُ مِنَ الرَّحْمَةِ الذِّي أَقَامَهُ بِهَا بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ وَأَهَّلَهُ لِعُبُودِيَتِهِ وَمُنَاجَاتِهِ وَأَعْطَاهُ وَمَنَعَ غَيْرَهُ وَذَلِكَ مِنْ رَحْمَتِهِ بِهِ.
فإذا قال: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ فَهُنَا شَهِدَ الْمَجْدَ الذي لا يَلِقُ بِسَوى الْمَلكِ الحَقِ الْمُبِينَ فَشَهِدَ مَلِكًا قَاهِرًا قَدْ دَانَتْ له الْخَلِيقَةُ وَعَنَتْ لَهُ الْوُجُوهُ وَذَلَّتْ لِعَظَمَتِهِ الْجَبَابِرَةُ وَخَضَع لِعِزَّتِهِ كُلُّ عَزِيزٍ فَيَشْهَدُ بِقَلْبِهِ مَلِكًا عَلى عَرْشِ السَّمَاءِ مُهَيْمِنُا لِعِزَّتِهِ تَعْنُوا الْوُجُوهُ وَتَسْجُدُ وإِذَا لَمْ تُعَطَّلْ صِفَةٌ حَقِيقَيْةً صِفةَ الْمُلْكِ أَطْلَعَتْهُ عَلى شُهُودِ حَقَائِقِ الأَسْمَاءِ والصِّفَاتِ التي تَعْطِيلُهَا تَعْطِيلٌ لِمُلْكِهِ وَجَحْدٌ لَهُ فَإِنَّ الْمَلكَ الْحَقَّ التَّامَّ الْحَقَّ لا يَكُون إِلا حَيًّا قَيُّومًا سَمِيعًا بَصِيرًا مُدَبِّرًا قَادِرًا مُتَكَلِّمًا آمِرًا نَاهِيًا مُسْتَوِيًا عَلى سَرِيرِ مَمْلَكَتِهِ يُرْسِلُ إِلى أَقَاصِي مَمْلَكَتِهِ بأوامِرِهِ فَيَرْضَى على مَنْ يَسْتَحِقَ الرِّضَا وَيُثِيبُهُ وَيُكْرِمُهُ وَيُدْنِيهِ، وَيَغْضَبُ عَلى مَنْ يَسْتَحِقُ الْغَضَبَ وَيُعَاقِبُهُ وَيُهِينُهُ وَيُقْصِيهِ وَيَقْصِي مَن يَشَاءُ، لَهُ دَارُ عَذَابِ وَهِيَ النَّارُ وَلَهُ دَارُ سَعَادَةٍ وَهِيَ
1 / 214