مطمح الآمال في إيقاظ جهلة العمال من سيرة الضلال
مطمح الآمال في إيقاظ جهلة العمال من سيرة الضلال
ژانرها
وأما: أنه ليس من باب تخريج المناط، فالأمر أظهر، فتعين أن يكون مراد السيد ما أشرنا إليه أولا من تعين أحد معنيي المشترك؛ فإنا إذا قلنا بتعدد مفهوم الخبث، وكان المقصود منه عند استعماله غيره في المعنى الآخر كما نفهمه كلامه، فحمله هذا على أحد المعنيين وهو الضر دون المعنى الآخر وهو الاستقذار متعين؛ للقرينة وهي وجود ما تنفر عنه النفس مع ثبوت تحليله إجماعا كالأدوية المذكورة ونحوها، كما قلنا في معنى الطيب المقول بالاشتراك على النافع وعلى المستلذ، فإن حمله على النافع متعين أيضا للقرنية وهي وجود شيء من جزيئا ت ا لمستلذ محرما كالخمر والخنزير؛ وبهذا يعرف أن مناط التحريم هو الخبث المشترك بين الضار والمستقذر، وأن المقام معين لأحدهما بالقرينة، وأن مراد السيد بسلوك أقوى طرق الاستدلال وهو تحقيق المناط ما ذكر، وقد انتظم ما ذكرناه قياسا من الشكل الأول وهو ضروري الإنتاج، صورته هكذا: (التتن) خبيث ضار، وكل خبيث ضار محرم، فالتتن محرم.
أما الصغرى فلما تقرر من خبثه وأضراره في الدين؛ لما علم من امتحاء أثر التقوى والمروءة للدين، وهما ركنا العدالة التي لا تبنى إلا عليهما به، ولإضراره بالعقل، فإن شاربه[71أ] أقل الناس عقلا لما أشار إليه السيد من ميله إلى ما أذهب عدالته، وأسقط مروءته، ولما انطبع في قلبه من الرضا بسفساف الأمور وكراهته معاليها، فأحب ما كره الله، وكره ما أحب الله؛ وهذا غاية في نقصان العقل؛ إذ لا يرتضيه ذو عقل وافر ودين، ولإضراره بالبدن كما أشار إليه السيد أيضا، ولإضراره بالمال بإنفاقه فيه، مع العلم بأنه مجرد ضرر لا نفع فيه.
صفحه ۲۹۴