أولا: يقرر مشروعية الاجتهاد في فروع الاعتقاد فيقول: " وعامة ما تنازعت فيه فرقة المؤمنين من مسائل الأصول وغيرها في باب الصفات والقدر والإمامة، وغير ذلك، فهو من هذا الباب، فيه المجتهد المصيب، وفيه المجتهد المخطئ "(¬1).
ويظهر من كلام ابن تيمية في الاختلاف في مسائل الصفات في كون الصفات زائدة على الذات، أو غير زائدة، وفي تأويل الصفات الخبرية، وفي مسائل القدر حيث كان الخلاف في التفريق بين القضاء والقدر والتعليل في حكمة القدر، واختلافهم في الإمامة بين أبي بكر وعلي - رضي الله عنهما -، وغير ذلك من مسائل الخلاف بين الأمة في هذه القضايا وأمثالها، أن فيها المجتهد المصيب، والمجتهد المخطئ، فقد سماه مجتهدا، مع كونه مخطئا، وهذا إقرار منه بمشروعية الاجتهاد.
ثانيا: أن اختلاف الصحابة في فروع الاعتقاد مؤيد من مؤيدات المشروعية للاجتهاد في فروع الاعتقاد: وفي ذلك يقول: "وتنازعوا في مسائل علمية اعتقادية، كسماع الميت صوت الحي، وتعذيب الميت ببكاء أهله، ورؤية محمد ربه قبل الموت، مع بقاء الجماعة والألفة. وهذه المسائل منها ما أحد القولين خطأ قطعا، ومنها ما المصيب في نفس الأمر واحد عند الجمهور أتباع السلف، والآخر مؤد لما وجب عليه بحسب قوة إدراكه. وهل يقال له: مصيب أو مخطئ؟ فيه نزاع. ومن الناس من يجعل الجميع مصيبين ولا حكم في نفس الأمر، ومذهب أهل السنة والجماعة أنه لا إثم على من اجتهد وإن أخطأ"(¬2).
فقوله: " وتنازعوا في مسائل علمية اعتقاديه كسماع الميت صوت الحي...: فيه دلالة واضحة على اختلاف الصحابة - رضي الله عنهم - في فروع الاعتقاد من غير نكير بينهم، فدل ذلك على المشروعية.
صفحه ۴۹