ثالثا: يرى ابن تيمية عدم التفرقة بين مسائل الاعتقاد والفقه في جواز الاجتهاد فيهما، فيقول: " فمن كان من المؤمنين مجتهدا في طلب الحق، فإن الله يغفر له خطأه كائنا ما كان، سواء كان في المسائل النظرية أو العملية، هذا الذي عليه أصحاب النبي - - صلى الله عليه وسلم - - وجماهير أمة الإسلام " (¬1).
فقوله سواء كان في المسائل النظرية أو العملية، يدل دلالة صريحة على عدم التفرقة بينهما، حيث عبر عن المسائل الاعتقادية بالنظرية، والمسائل الفقهية بالعملية، ورأى أن القول بعدم التفريق بينهما في جواز الاجتهاد هو قول صحابة النبي - - صلى الله عليه وسلم - - وجماهير أمة الإسلام.
رابعا: يفرق ابن تيمية بين الأصول والفروع من حيث جواز الاجتهاد، فيرى جوازه في الفروع دون الأصول، ويعبر عن ذلك بقوله: "الأصول الثابتة بالكتاب والسنة والإجماع هي بمنزلة الدين المشترك بين الأنبياء، ليس لأحد خروج عنها، ومن دخل فيها كان من أهل الإسلام المحض، وهم أهل السنة والجماعة، وما تنوعوا فيه من الأعمال والأقوال المشروعة فهو بمنزلة ما تنوعت فيه الأنبياء "(¬2).
فقوله: الأصول الثابتة بالكتاب والسنة والإجماع، هي الأصول التي لا يجوز الاجتهاد والاختلاف فيها،وقد شبهها بالدين المشترك بين الأنبياء من توحيد الله عز وجل والإيمان به والجزاء على ذلك يوم القيامة التي لا يجوز الخروج عنها، وأما فروع الاعتقاد فقد شبهها - رحمه الله - باختلاف شرائع الأنبياء، التي تنوعت عندهم، فإقراره بتنوعها يعني إقرارا بجوازالاجتهاد والاختلاف في هذه الفروع.
صفحه ۵۰