تركيبِ الموصوفِ مِنَ الذّات، أو تركيبِ القدرِ لتركيبِ الجِسمِ مِنَ المادّةِ والصُّورةِ على رأيٍ أو مِنَ الجواهرِ المنفردةِ على رأيٍ، فلا ينقسمُ بالفِعلِ والوَهم، ولا ينقسمُ بالمادّةِ والصُّورة، أو التَّركيبِ مِنَ الماهيّةِ والوجود، فهذِهِ الأنواعُ الخمسةُ أو السِّتّةُ أو السَّبعةُ مِنْ أنواعِ التَّركيباتِ في اصطلاحِهم يَنفونَها عنهُ. قالوا: وقد شهِدَ العقلُ الصَّريحُ بأنَّ الوجودَ ينقسمُ إلى ما يكون واجبًا في ذاتِه، وإلى ما يكونُ ممكِنًا في ذاتِه، وكُلُّ ممكنٍ إنَّما يرجَّحُ جانبٌ منهُ بمرجِّحٍ، فإما أنْ تَذهبَ الممكناتُ إلى غيرِ النِّهايةِ أو يقفَ على واجبٍ بذاتِهِ غيرِ ممكنٍ، لكنَّها لو ذهبتْ إلى غيرِ النِّهايةِ لما وُجِدَتْ؛ إذْ كانَ يتوقَّفُ وجودُ كُلِّ ممكنٍ على سبقِ وجودِ مرجِّحِه، وذلكَ مُحالٌ فلا بُدَّ أنْ يقفَ على واجبِ الوجودِ بذاتِه، ثمَّ الواجبُ بذاتِهِ لا يجوزُ أنْ يكونَ لذاتِهِ مبادئُ يجتمعُ منها واجبُ الوجود، ولا أجزاء كمِّيَّةٌ كالمادّةِ والصُّورة، ولا كالجِنسِ والفَصل، فإنَّ المبادئَ يجبُ أنْ تكونَ سابقةً على ذاتِ واجبِ الوجود، ويكونَ واجبًا لها لا بذاتِه، وقد فرضْنا الواجبَ لذاتِه، فهذا خُلْفٌ، وسلَكوا في نَفيِ واجبينِ مسلكًا آخرَ غيرَ الذي ذَكرَهُ السّائلُ، لكنَّهُ مِنْ جنسِه، وأصلُهما واحدٌ، فإنّا لو قدَّرْنا اثنينِ واجبَي الوجودِ اشتركا في كونِ كُلٍّ منهُما واجبَ الوجود، فلا بُدَّ أنْ ينفصلَ أحدُهما عَنِ الآخرِ بفَصْلٍ يخصُّهُ، فيكونَ وجوبُ الوجودِ مشترَكًا فيه، وهوَ ذاتيّ لهما، فيكونَ جِنْسًا وما يخصُّ أحدَها دونَ الثّاني فَصْلًا، ويكونَ ذاتُهُ متركِّبةً منهما، ويجبُ أنْ تكونَ الأجزاءُ متقدِّمةً بالذّاتِ على ذاتِه، فيكونَ متأخِّرًا عنها بالذّات، فيكونَ واجبًا بها لا بنفسِه، فهوَ خُلْفٌ، فنَوعُ واجبِ الوجودِ سَواءٌ أُطلِقَ إطلاقًا أو خُصِّصَ تَخصُّصًا لا يجوزُ أنْ يكونَ إِلّا واجدًا، فوجودُهُ وحدتُهُ، ووجوبُهُ حقيقةُ
1 / 61