زائدٌ على ماهيَّتِهِ هوَ قولُ أبي هاشمٍ ونحوِهِ مِنَ المعتزلةِ الذينَ يقولونَ بأنَّ المعدومَ شيءٌ وأنَّ ثبوتَهُ غيرُ وجودِه، وقد وافقَهم على الفرقِ بينَ الوجودِ الماهيّةِ مَنْ لا يقولُ بأنَّ المعدومَ شيءٌ؛ كأبي عبد الله بنِ الخطيبِ ونحوِهِ ممَّنْ أخذَ بعضَ كلامِ المعتزلةِ وبعضَ كلامِ المتفلسِفةِ.
وأمّا القولُ بأنَّ وجودَ كُلِّ شيءٍ عينُ ماهيَّتِهِ فهوَ مذهَبُ أهلِ السُّنّةِ والجماعةِ وسائرِ متكلِّمةِ الصِّفاتيّةِ؛ كأبي محمَّدِ بنِ كُلَّابٍ (١)، وأبي الحسَنِ الأَشْعَرِيِّ (٢)، وأبي عبد الله محمَّدِ بنِ كَرَّامٍ (٣)، وأكثرِ أهلِ الكلامِ الذينَ يوافقونَ مَنْ قالَ مِنَ المعتزلةِ: إنَّ المعدومَ شيءٌ، ولا مَنْ قالَ مِنَ المتفلسفةِ: إنَّ لكُلِّ موجودٍ ماهيّةً في الخارجِ مغايرةً لوجودِهِ.
_________
(١) هو: أبو محمد عبد الله بن سعيد بن كُلَّاب (بضم الكاف وتشديد اللام) القطان البصري، رأس المتكلمين بالبصرة في زمانه، صاحب التصانيف في الرد على المعتزلة. أخذ عنه الكلام: داود الظاهري، وقيل: إن الحارث المحاسبي أخذ علم النظر والجدل عنه أيضًا. وأصحابه هم الكلابية. قال الذهبي: وقد كان باقيًا قبل الأربعين ومائتين. انظر: سير أعلام النبلاء (١١/ ١٧٤)، والأعلام للزركلي (٤/ ٩٠).
(٢) هو: علي بن إسماعيل بن إسحاق، أبو الحسن، من نسل الصحابي أبي موسى الأشعري، كان من الأئمة المتكلمين المجتهدين، وُلد في البصرة، وتلقى مذهب المعتزلة وتقدم فيهم ثم رجع وجاهر بخلافهم. وتوفي ببغداد سنة (٣٢٤ هـ). انظر: سير أعلام النبلاء (١٥/ ٨٥)، والأعلام للزركلي (٤/ ٢٦٣).
(٣) هو: محمد بن كرام بن عراق بن حزابة، أبو عبد الله، السجزيّ (نسبة إلى سِجِستان) إمام الفرقة الكرامية، وُلد ابن كرام في سجستان وجاور بمكة خمس سنين، وورد نيسابور، ثم انصرف إلى الشأم، وعاد إلى نيسابور، وخرج منها سنة (٢٥١ هـ) إلى القدس، فمات فيها، سنة (٢٥٥ هـ). انظر: الملل والنحل للشهرستاني (١/ ١٠٨)، والأعلام للزركلي (٧/ ١٤).
1 / 31