قيامك لامتناع قيامه 0 والثاني : أن تدخل على نفيين ، فيصير المعنى إلى إثباتها ، كقولك : لو لم تزرني لم أكرمك ،
أي : أكرمتك لأنك زرتني ، فانقلب النفي ههنا إثباتا ، لأن لو امتناع ، والامتناع
نفي ، والنفي إذا دخل على النفي صار إيجابا 0
والثالث : أن تكون للنفي فيما دخلت عليه ، دون جوابها ، كقولك : لو لم تشتمه لأكرمك ،
فالشتم واقع ، والإكرام منتف ، فالامتناع أزال النفي ، وبقي الإيجاب بحاله 0
والرابع : عكس الوجه الثالث ، وهو قولك : لو أحسن إليك لم تسىء إليه ، والمعنى معلوم 0
والخامس : أن تقع للمبالغة ، فلا تفيد مفادها في الوجوه الأولى ، وذلك كقول عمر :
" نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه " والمعنى أنه لو لم يكن عنده خوف لما
عصى ، كيف يعصي وعنده خوف ؟ ولو لم يرد المبالغة ، لكان معنى ذلك : إنه
يعصي الله لأنه يخافه 0
4 ومن كلامه في إذا الزمانية :
... إذا كان لها جواب كان هو الناصب لها ، كقولك : إذا جئتني أكرمتك ، فإذا منصوبة بأكرمتك ، فإن لم يكن بعدها جواب ، عمل فيها ما قبلها ، كقولك : لأكرمنك إذا جئتني ، ومنه قوله تعالى : [ ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم ] (1) 0
5 وسئل رحمه الله عن قوله صلى الله عليه وسلم : " نحن أحق بالشك من إبراهيم ، فقيل : هذا يدل على أن إبراهيم شك في إحياء الموتى ، ولا يجوز ذلك على الأنبياء ، فقال : إن إبراهيم لم يشك ، ولفظ الآية (2) لا يدل على لشك ، إذ ليس فيها حرف يدل على الشك ، وإنما طلب من الله تعالى أن يعرفه كيفية الإحياء ، ومن طلب كيفية شيء فهو معترف بأصله ، وإنما طلب أن يعرف على أي وجه يقع ، وأما قوله عليه السلام : " نحن أحق بالشك " فمعناه : أنه
كأن قائلا قال : قد شك إبراهيم حتى سأل أن يرى ذلك حقيقة ؛ ليطمئن قلبه ، فقال عليه السلام : لم يكن ذلك من إبراهيم شكا ، وإنما كان سؤالا عن الكيفية ، ولو تطرق الشك على إبراهيم ؛ لتطرق إلينا ، وإبراهيم قد عرف الربوبية والوحدانية قطعا بالأدلة ، وهو ما تضمنته آيات الأنعام (1) من قوله : [ هذا ربي ] ثم اعترف باليقين حتى قال : [ إني بريء مما تشركون ] [ إني وجهت وجهي ] الآية (2) ، فلما ثبت ذلك عنده ، امتنع أن يتطرق الشك إليه ، وإنما أراد زيادة اليقين في الإحياء ، وإن المعاينة أقوى من الخبر ، وإذا لم يتطرق الشك إلى من بعد إبراهيم ، فأولى ألا يتطرق الشك إليه ، فإن حاله في اليقين فوق حال غيره ، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لم يشك في الإحياء انتفى الشك عن إبراهيم ضرورة 0
... ... ... ... والله أعلم 0
صفحه نامشخص