============================================================
225 المسائا المشكلة فإن قال قائل: كيف جاز عمل معنى الفعل في الآية في الظرف، والظرف متقدم عليه، وهلا امتنع عمله في الظرف مقدما، كما امتنع عمله في الحال مقدمة نحو: زيد قائما في الدار؟
قيل له: لا يمتنع معنى الفعل من العمل في الظرف مقدما، وإن امتنع من العمل في الحال مقدمة؛ ألا ترى: أهم قد أجازوا: اكل يوم لك ثوب، فقدموا الظرف، وأعملوا المعى فيه، كذلك يجوز إعمال المعنى في الآية في الظرف مقدما.
والفصل بين الحال والظرف: أن الحال في المعني هو المفعول به، فكان حكمه أن لا يعمل فيه ما لا يعمل في المفعول به إلا أنه لما كان عبارة عن هيئة في وقت الفعل، وكان الفعل لا يخلو من ذلك، وكان مفعول فيه، كما أن الظرف مفعول فيه ائسع في الحال، فعمل فيها المعاني كما يعمل في الظروف، ولم يجب إذا عملت فيها الظروف أن تحري محراها مقدمة ومؤخرة، لتكون لها مزية على الظروف، ولا تكون خرجة من حد المفعول به، فلم تعمل فيها المعاني مقدمة عليها، كما عملت في الظروف، لما ذكرنا من أنه في المعنى مفعول به.
فإن قلت: فهل يجوز أن يكون العامل في قوله: (فيه) -في الآية- الفعل المقدر الذي كان في الأصل عاملا في قوله: (من الزاهدين) دون أن يكون ما ذكرت من الظرف العامل؟
قيل: لا يسوغ هذا، لأن ذلك المضمر كان في الأصل الخبر، فلما اختزل قام ما عمل فيه مقامه، فناب عن الخير، وصار العمل له دون ذلك المضمر في الأصل.
ولو جاز أن يكون ذلك الفعل العامل في الظروف هنا، لجاز: زيد قائما في الدار، لأن العامل إذا كان فعلا لم يمتنع تقدتم مفعوله، والمضمر منزلة الظاهر، فامتناعهم من إحازة هذا يدلك على أن الفعل الذي قام مقامه قوله: (من الزاهدين) في الآية، لا يجوز أن يكون عاملا في الظرف، وإنما العامل فيه، والذي يتعلق به هذا الظرف يكون أحد الشيئين اللذين ذكرناهما من الفعل المظهر، أو معني الفعل لا غير.
فأما قوله: (فاخرج إني لك من الناصحين) [القصص: 20]، فلا يكون الذي يتعلق به قوله: (لك) إلا معى الفعل دون غيره، لأنه لا فعل ظاهر في هذه الآية، كما في الآية الأخحرى، وقد دللنا على أن الفعل المختزل لا يجوز أن يكون عاملا فيه.
صفحه ۲۲۵