============================================================
209 المسائا المشكلة فإن قلت: كيف أضيف إلى بناء الجمع الكثير محموعا، وقد كان قبل الجمع يضاف ما كان من نحوه إلى بناء العدد القليل إلى العشرة؟
فالقول: إن ذلك إنما أضيف إلى العدد القليل لقلة المعدود، ولو أضيف إلى العدد الكثير لم يصلحخ، لدخوله في حد التباين وبعده من التشاكل، وقد رأيتهم يحافظون عليه في مواضع من كلامهم، ألا ترى: أنك لو قلت: سبعة بغال، مقللا بالسبعة ومكثرا ببغال، فلم يستجز هذا، كما لم يستجز تصغير البناء المصوغ للعدد الكثير.
وكان إضافة ذلك إلى العدد الكثير أبلغ لأمرين: أحدهما: أنه يشاكله ولا ينافيه. والآخر: أنه يستدل بكل واحد من المضاف والمضاف إليه على الآخر، ألا ترى: أنك إذا سمعت (أفعلا)، أو غيره من بناء أدنى العدد علمت به قلة المعدود، وإذا سمعت (سبعة)، ونحوه علمت به قلة العدد، وكان ذلك أولى وأقيس: فإن قلت: فقد جاء في التنزيل (ثلاثة قروع) [البقرة 228] فهلا قلت. إن إضافة ذلك إلى العدد الكثير سائغ؟
قيل: لا يلزم أن تقول ذلك من أحل ما ذكرت، لأن ذلك في بابه مثل: استحوذ، فكما لا يصلح استقوم قياسا على: استحوذ، كذلك لا يقاس على ذلك، وما حاء من نحو هذا فقد ردوه في التأويل إلى إضافته إلى العدد القليل لئلا يتباين ويلتثم، فقالوا تقديره: ثلاثة أقراع من القرء:.
وليس اعتراض محمد بن يزيد في (الغلط) هذا على سيبويه بشيء، ألا ترى: أن أحدا لا يقيس على هذا: سبعة بغال، ولا ثمانية جمال، ولا نحو ذلك، بل كله يضاف إلى العدد القليل دون الكثير: وإئما جاء ما جاء من ذلك على تقدير الإضافة إلى الجمع الذي قلنا، كما في قوله عز وحل: فله عشر أمثالها} [الأنعام: 160]. فمن حر مقدرا إضافته إلى الحسنات في المعنى، ولذلك ألغيت التاء من العشرة، فكذلك تقدير إضافة (ثلاثة) إلى (الأقراء).
وإنما يحيء هذا النحو إذا كان الجمع الكثير اكثر في الاستعمال من الجمع
صفحه ۲۰۹