فإن قلت: فقد أقول "علمت أن زيدًا منطلق"، و"حسبت أن يقوم بكر"، فاقتصرت على "أن" واسمها وخبرها، و"أن" وما في صلتها.
قيل: إنما جاز ذلك لسد الخبر الذي جرى في الصلة مسد خبر "أن". وكذلك ما في صلة "أن" من الفعل. ومثل ذلك "أقائمٌ الزيدان" و"أقائمٌ الزيدون" في أن الفاعل المرتفع بالاسم المبتدأ أغنى عن خبره، فحمل الكلام على المعنى؛ الا ترى أن قولك "علمت أن زيدًا منطلق" و"علمت أن زيدًا منطلق" و"علمت زيدًا منطلقًا" في المعنى سواء. فمما جاء في التنزيل من ذلك متعديًا إلى مفعولين قوله تعالى ﴿ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق﴾. وقال ﴿إن ترن أنا أقل منك مالًا وولدًا﴾. فدخول الفصل في الموضعين يدلك على أن ما بعد الفصل مفعول ثان.
ويذهب أبو الحسن إلى أن الاقتصار على الفاعل في هذا الباب لا يحسن - وإليه ذهب أبو عمر الجرمي - فقال في قوله ﷿ ﴿لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا﴾: "لا يعجبني قراءة من قرأ الأولى بالياء، وليس لذلك مذهب في العربية؛ لأنه إذا قال: لا يحسبن الذين يفرحون، فإنه لم يوقعه على شيء". ووجه قوله
1 / 72