السمة (1) على الحقيقة إلا عند الوجود توسعا ومجازا. ألا ترى انهم يقولون: فلان (6 ظ) مستطيع للحج، فيطلقون على ما (لم) (2) يقع - من الفعل الذى إذا وجد كان حجا - اسم الحج. ويقولون: تريد (3) في هذ. السنة الجهاد ؟ فيسمون ما لم يقع بالجهاد، وهو لا يستحق السمة (1) بذلك إلا بعد الوجود. وزيد في نفسه خصومة عمرو، وصلح خالد، وخطاب عبد الله، ومناظرة بكر، والخصومة والصلح والخطاب والمناظرة لا تكون في الحقيقة إلا بأفعال موجودة. وقد أطلقوا عليها السمة (1) قبل الوجود وفى حال عدمها وقبل كونها، على ما وصفناه. وقد قال الله تعالى مخبرا عن المسيح عليه السلام إنه قال: " ومبشرا برسول يأتي من بعدى اسمه أحمد " (4) فسماه رسولا قبل وجوده. والرسول لا يكون رسولا في حال عدمه، ولا يسحق هذه السمة إلا بعد وجوده وبعثته. (فصل) (5) فأما قوله إن الخطاب لا يتوجه إلا إلى موجود ولا يصح توجهه إلى المعدوم، فالامر كذلك. ولم يخبر الله تعالى بأنه خاطب معدوما ولاكلم غير موجود، وإنما أخبر أن الافعال غير متعذرة عليه، وأنه مهما أراد ايجاده (6) منها وجد كما أراد. والعرب تتوسع بمثل ذلك في الكلام، فيقول القائل منهم في الخبر عمن يريد ذكره باتساع القدرة ونفوذ الامر وقوة السلطان: فلان إذا أراد شيئا وقال له: كن، فكان، وهو لا يقصد بذلك، الخبر عن كلامه لمعدوم، وإنما يخبر عن قدرته وتيسر الامر له (7)، حسب ما بيناه.
---
1 - رض 2: التسمية. 2 - ساقطة من الاصل وحش، أثبتناها عن سائر النسخ لما يقضيه السياق. 3 - رض، رض 2: يريد. مل، مر: نريد. 4 - سورة الصف (61): 6. 5 - أثبتناها عن مر ورض 2. 6 - رض: ايجاد شئ. 7 - رض، مل، مر، رض 2: عليه.
--- [ 42 ]
صفحه ۴۱