مثاله: مقصود سورة البقرة: وصف الكتاب المذكور أولها بصريح
اسمه، الناظر بأصل مدلوله، إلى جمعه لكل خير، المشير بوصفه إلى ما في
آخر الفاتحة من سؤال الهداية، والِإبعاد من طريق الضلال، ثم بوصفه في
قوله: (بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك)، المنوه آخرها بالذين آمنوا
به في قوله: (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه) إلى آخره.
وذلك هو عين أولها، لكونها تعيينًا لرؤوس مَنْ شمله وصف التقوى في
فاتحتها وذلك بعد تحقيق قوله: (هدى) بما بين من دعائم الِإسلام
الخمس، ضمن محاجة أهل الكتاب، بما تكفل بالدلالة على أكثر مقاصد
القرآن، وأعرب عما لزمته البلاغة مما جر إليه الصيام من الأكل والشرب.
ببيان المآكل والمشارب، وما يحل النكاح وما يحرمه وما يتبع ذلك على تلك
الوجوه الحسان، والأساليب التي علت في رتب البيان على الجوزاء والميزان.
فلا لاحِقٌ، ولا مُدانٍ.
وذكر تعالى في أولها أضداد مَنْ آمن به، دليلًا على صحة الدعوى في
نسبة معناه إليه سبحانه، وذلك بالتعجيز لهم فيما حكم به من وصفهم.
وألزمهم من كفرهم، فلم يقدروا على التكذيب بالتقصي عنه، والبعد منه.
فلما ثبتت قدرته، واتضحت جلالته وعظمته، في أنه لا نِدَّ له ولا
مكافىء، ولا عديل ولا منافي، رجع إلى الكتاب، فبين صحة الدعوى في
نظمه، كما بينها في معناه فقال: (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على
عبدنا) . ثم هددهم على الِإصرار بعد البيان ومر فيما ناسب ذلك ولَاحَمَهُ، واتصل به ولَاءَمَه، مما تكفل ببيانه أصل هذا الكتاب آية آية، بل جملة
1 / 150