«فقال: تأخذي ولدي هذا»!
فقلت: نعم، فأخذته، فوالله ما هو إلا أن حملته على تلك الأتان الرزوم، فلقد كنت لا أقدر على لزمها من النهوض حتى أن النسوة ليقلن: أمسكي علينا، هذه أتانك التي خرجت عليها؟
فقلت: نعم.
فقلن: إنها كانت أرزمت حين أقبلنا فما شأنها ؟
فقلت: حملت عليها غلاما مباركا.
فخرجنا، فما زال يزيدنا الله في كل يوم خيرا حتى قدمنا والبلاد سنهة، فلقد كان رعاؤنا يسرحون ثم يروحون فتروح أغنام بني سعد جياعا، وتروح غنمي شباعا حفلا، فنحتلب ونشرب، فيقولون: ما شأن غنم الحارث بن عبد العزى وغنم حليمة تروح شباعا بطانا حقلا، وتروح غنمكم بشر جياعا؟! ويلكم اسرحوا حيث تسرح رعاتهم فيسرحون معهم فما ترجع إلا جياعا كما كانت.
قالت: وكان «رسول الله» صلى الله عليه وآله وسلم يشب شبابا ما يشبهه أحد من الغلمان، يشب في اليوم شباب الغلام في الشهر وفي الشهر شبابه في السنة.
فلما استكمل سنتين أقدمناه مكة أنا وأبوه وكنا والله لا نفارقه أبدا ونحن نستطيع، فلما أتينا أمه قلت لها: إني ظئر، والله ما رأينا صبيا قط أعظم بركة منه، وإنا نتخوف عليه وباء مكة وأسقامها فدعينا نرجع به حتى ترين من رأيك.
صفحه ۱۱۰