واحتج الأولون بظاهر الخبر وشواهده، وجعلوا (أو) في الآية والخبر لترتيب الأحوال، والمراد بالترتيب هنا التقسيم والتنويع أي تقسيم عقوباتهم تقسيما موزعا على حالاتهم وجناياتهم والمعنى في الآية: أن يقتلوا من غير صلب إن أفردوا القتل، أو يصلبوا مع القتل إن جمعوا بين القتل والأخذ، أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف إن أخذوا المال، ومن أفرد الإخافة نفي من الأرض.
واحتج الآخرون بظاهر آية المحاربة السالف ذكرها على التخيير العام للإمام بين القتل أو الصلب أو قطع اليد والرجل أو نفيهم من الأرض للمحاربين على أي جريمة وقعت منهم أو لم تقع، وجعلوا أو للتخيير المطلق، لأنه حقيقة مدلوله كما هو الظاهر من الآية والمعروف في كتب النحو، ومن حججهم أن السبب في الجميع محاربة الله ورسوله وهي كفر كاف في أي عقوبة كانت، فلا فرق بين جريمة وجريمة، ولا بين عقوبة وعقوبة، فالإمام مخير بين أي العقوبات شاء على أي جريمة كانت على ما يراه الإمام زاجرا، وقد أشار إلى ذلك المحقق الجلال في (ضوء النهار).
قال الشوكاني: فهذا من حد الله الذي شرعه لعباده في كتابه بعبارة في غاية الوضوح والبيان، بحيث لا يخفى على العامة، فضلا عن أهل العلم.
صفحه ۱۵۶