[89] يتحرى المعتبر بيتا يدخل إليه ضوء الشمس من ثقب مقتدر ليس بكل الفسيح، ويكون الضوء مع ذلك ينتهي إلى أرض البيت، ويراعي دخول ضوء الشمس إلى هذا البيت. فإذا دخل ضوء الشمس وظهر في أرض البيت أغلق الباب ولم يترك للضوء سبيلا إلى البيت إلا الضوء الذي يدخل من الثقب: فإنه يجد البيت في هذه الحال مضيئا بذلك الضوء ويجد الضوء في جميع نواحيه، ويجد كلما كان من جدران البيت قريبا من ذلك الضوء فإن الضوء الذي ظهر عليه يكون أقوى، وكلما كان من الجدار بعيدا فإن الضوء الذي يظهر عليه يكون أضعف. ثم يعتمد المعتبر مكوكا أو جسما أجوف فيتلقى به ذلك الضوء ليصير جميع الضوء في داخل ذلك الجسم. فعند هذه الحال يجد البيت مظلما والضوء الذي كان يظهر على الجدار قد بطل، إلا ما لعله يقابل الضوء الذي في داخل الجسم الأجوف من علو البيت. ثم إذا رفع ذلك الجسم عاد البيت مضيئا وظهر الضوء على جميع نواحي البيت. فتبين من هذا الاعتبار أن الضوء الذي يظهر في جميع نواحي البيت إنما هو ضوء ثان يشرق عليه من ضوء الشمس الذي يظهر في أرض البيت.
[90] ثم يعتمد المعتبر صفيحة من الفضة ويصقلها حتى تصير كالمرآة. وإنما الاعتبار بالفضة أبين من الاعتبار بالمرايا الحديد لأن المرايا الحديد تكسف الأضواء بألوانها لأن ألوانها مظلمة فلا تكون الأضواء المشرقة عنها بينة إلا المنعكس فقط لقوته، وسنبين العلة في ذلك عند كلامنا في الانعكاس. فيضع المعتبر الصفيحة الفضة في موضع ضوء الشمس، وليتحر أن يكون على مقدارالضوء أو أوسع منه، فإن زاد الضوء عليها ضيق الثقب ليصير جميع الضوء على الصفيحة. فإذا صار الضوء على الصفيحة فإنه يجد الضوء ينعكس عنها إلى موضع واحد مخصوص، لأن الانعكاس ليس يكون إلا على زوايا متساوية، وسنبين هذا المعنى عند كلامنا ي الانعكاس. ويجد هذا الضوء في الجهة المقابلة للجهة التي فيها الشمس، ويظهر ضوء هذا الانعكاس على الجدار المقابل للثقب أو على سقف البيت إن كان البيت واسعا، ويجد هذا الضوء قويا قريب الشبه والقوة من ضوء الشمس وأقوى من جميع الضوء الذي في سائر نواحي البيت، ويوجد هذا الضوء محصورا متناهيا. فإذا ظهر هذا الضوء، فليتأمل المعتبر جميع نواحي البيت: فإنه يجده مضيئا، ويجد الضوء الذي فيه أقوى وأبين مما كان، من أجل بياض الصفيحة.
صفحه ۱۰۵