اعلم أنه ينبغي للرجل إذا حضر خروجه إلى السفر، أن يتقدم بين يديه صدقة، يتقرب بها إلى الله من أطيب ماله؛ لأنه قيل عن أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة: (كل أمر بدأت فيه بالصدقة، فإنه لا يؤدي إلا إلى خير - إن شاء الله -، وأظن أنه ذكر عن بعض السلف أنه إذا سافر تصدق قبل أن يضع رجله في الركاب، وإذا قدم من سفره فعل مثل ذلك، فينبغي الامتثال لهذا؛ لأن الله - تعالى - أجزاه، إنما يشتري منه بتلك الصدقة نفسه، وإذا أراد الخروج، فليغتسل إن أمكنه، وإلا أجزأه الوضوء، وهذا استحباب لا إيجاب، فليصل ركعتين، يقرأ في الأولى بعد الفاتحة،ب { قل يا أيها الكافرون } (1)، وفي الثانية بعد الفاتحة سورة الإخلاص ثلاثا، فإذا فرغ منها رفع يده، ودعا الله - سبحانه - بنية صادقة، يقول: (الحمد الله رب العالمين، المحمود ذو العرش المجيد، الفعال لما يريد، وسبحان الله، والحمد الله، و لا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد، وبارك عليه، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، اللهم ما رجونا من خير، فسهله علينا في يسر منك وعافية، وما خشينا من عسر، فيسره علينا من [س/20] فضلك، اللهم إنك افترضت الحج، وأمرت به، فاجعلني ممن استجاب، واجعلني من وفدك الذين رضيت، وكتبت، وسميت، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في المال والولد، والأهل، والأصحاب، احفظنا وإياهم من كل آفة وعاهة، اللهم اجعلنا وإياهم في جوارك، ولا تسلبنا وإياهم نعمتك، ولا تغير ما بنا وبهم من عافيتك، إنك على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير )، وينبغي له أن يأتي المسجد، فيودعه بركعتين، وإذا رجع من سفره، فعل مثل ذلك، وبلغنا أنه من تعاهد ما ذكرنا، فإذا فقده المسجد قال: (اللهم إن كان مريضا فاشفه، وإن كان مسافرا فأرد غربته، وإن كان محتاجا فأغنه، وإن طلب حاجة، فيسرها له)، فإذا قدم تباشر
__________
(1) سورة الكافرون، الآية 1.
صفحه ۵۲