والحرام (1)، وأنه لولاهم لاندرس آثار النبوة (2)، وأنهم نجوم الشيعة (3)، ويكشف بهم كل بدعة (4) إلى غير ذلك مما سطر به الأساطير، وملئ به الطوامير، كما يظهر من ملاحظة الرجال وغيره - كانوا تاركين لهذه الفريضة، مع أنهم كانوا هم الذين رووا أخبار الإيجاب والتهديد والتخويف على تركها، ومع ذلك لم يزد عليهم من الحث والترغيب، ولم يهددهم ولم يخوفهم بالوعيد، ولم يعثر عليهم في ترك مثل هذه الفريضة، مع أنه لم يعهد من علماء الرجال - الجارحين للرواة والمعدلين - أخذهم بهذا الطعن، وذمهم بهذه المعصية الكبيرة والإصرار عليها.
وأيضا قوله: " حتى ظننت أنه يريد أن نأتيه " ظاهره أنه ظننت من ذلك الوجوب، ولما كان الوجوب موقوفا بفعله أو إذنه ونصبه، فظننت أنه يريد أن نأتيه، لكونه منصبه، فلذلك قال له: " نغدوا عليك "، وإن لم يكن الإمام أو نائبه شرطا لما كان محتاجا إلى الغدو عليه والمسألة عن ذلك، فإنه كان يجب فعله بأي نحو كان، ولما كان المعهود عندهم اشتراط ذلك بحضوره أو إذنه وكان زرارة لا يدري جوازه بدون حضوره أو إذنه لشخص خاص سأل عن ذلك وأجاب الإمام (عليه السلام) بقوله " إنما عنيت عندكم " فظهر من هذا جواز الجمعة في حال عدم التمكن من ذلك الشرط، واستحبابه.
وقال بعض المتأخرين: يعني إنما عنيت أن تصلوها في بيوتكم سرا من المخالفين، من دون حضوري، وذلك لأنه (عليه السلام) كان لا يتمكن من إقامتها، لا سرا ولا علانية، لأن المخالفين كانوا يتفقدونه في جماعاتهم ويرتقبونه في أحواله وأوضاعه، وكان لا يجد بدا من حضور جمعهم، وأما أصحابه (عليه السلام) فكانوا متمكنين في بعض الأحيان، فلذا حثهم عليها.
وقال في موضع آخر ما حاصله: إن السر في تهاون الشيعة بصلاة الجمعة
صفحه ۴۶