ملكة القلوب
ملكة القلوب
تأليف
نجيب الحداد
الفصل الأول
يعلم أهل مدينة القاهرة، والذين قدموا إليها متفرجين من الأجانب وغيرهم من عهد قريب أن في قسم الأزبكية فندقا شهيرا بالفندق الشرقي مكتوب عنوانه بالفرنسية (أوتيل أورينتال)، فوق واجهته هدى للقاصدين.
كان في إحدى غرف الفندق قريبا من بابه الجنوبي رجل يناهز عمره الستين، جميل الهيئة، عريض المنكبين، مرتفع القامة، ممتلئ البدن، قوي الجسم، طلق الوجه، لين العريكة، مولع بالمزاح والمجون، واسمه «همام». كان جالسا على مقعد من القطيفة الحمراء، لابسا أوسمة الجهادية، فإنه سبق فقضى السنين الطويلة في هذه الخدمة الافتخارية، ونال المراتب السامية والدرجات الرفيعة فيها.
وكان في وسط الحجرة مائدة معدة لجلوس أربعة أشخاص، وعلى بابها غلام قائم في الخدمة، وللحجرة شباك جنوبي فوق باب الفندق مطل على حديقة الأزبكية وموقف العربات، وعليه واقف فتى لم يتجاوز السابعة والعشرين، جميل الصورة، صبوح الطلعة، نظيف الثياب، لبق، جلس متكئا على مسند الشباك، ينظر إلى الخارج بتمعن واهتمام ... واسم الفتى «فؤاد».
فبعد أن فرغ همام من كلامه مع الخادم نادى فؤادا، فلم يسمع نداءه؛ لاشتغاله بأمر ذي بال، فكرر همام النداء، ثم تقدم إليه ينبهه، وأمسك بطرف ثوبه قائلا: ما بالك لا تجاوبني؟ أناديك فلا تسمعني حتى كأني أصرخ في جماد، فقد بح صوتي من النداء ... أخبرني ماذا تنظر؟ وأي شيء يشغل فكرك؟
قال: أنظر إلى امرأة أرى منها أمورا غريبة لو يهمك ذلك.
صفحه نامشخص