قال فؤاد: تحكم على أختك بالكبرياء وقلة الأدب والتهذيب إن كان يصدق قولك؟
قال سعيد: ما كلمتك والله إلا عارفا، غير راجم طعنا فيها، وفي استطاعتي أن أبرهن لك على قولي لولا خشيتي نقل حديثي إليها، فيقوم بينها وبيني النزاع، فتضربني وأضربها وتنتف شعري، وتخمش وجهي، أو تسمل إحدى عيني بأظافرها.
قال فؤاد: من يصدق قولك وأنت أقدر منها، والنساء أضعف من الرجال عموما؟
قال سعيد: إن قدرت الخبيثة فعلت، وإن لم تفعل فليس من عدم الإرادة.
قال فؤاد: شيء عجيب، كنت أظنها وديعة هينة الطباع، وأنت تخبرني بالعكس.
قال سعيد: خدعتك كما خدعتها أنت بتقواك وأدبك وحيائك، وما أخبرتك بهذا إلا لتحاذر حين زواجك بها أن تسمل عينيك بأظافرها الطويلة.
فقلق فؤاد لسماع هذا القول، ومع علمه بأن سعدى دميمة الوجه مجردة من الذكاء والمعارف، كان يظنها هينة الطباع رقيقة الجانب لطيفة المعاشرة وديعة النفس - كما هي الحال عند النساء المجردات من المحاسن الظاهرية - وجعل يتفكر في أمره، كيف يمتنع ويخالف رأي والدته إن صدق كون سعدى على هذه الصفات القبيحة.
فلحظ سعيد اضطراب خاطر فؤاد وانفعاله من كلامه، فأراد أن يتدارك ما فرط منه فيصلح الخطأ فقال: إن ما أبديته من القول على أختي سعدى مزاح، فلا تحله محل الجد، واعلم أنها حسنة السيرة طيبة السريرة، إن تزوجت بها كنت في سرور وحبور.
قال فؤاد: وحياتك إني لم أخف على عيني سملا، ولا أرهبني طول أظافرها.
قال سعيد: لا تعر قولي جانب الصحة، فهي مباسطة ومجون، وإن شئت فهيا بنا للخروج فقد غلب النوم علي، وإني أحب مجاراتك ومرافقتك.
صفحه نامشخص