مخطوطات مسرحيات محمد لطفي جمعة: الأعمال الكاملة
مخطوطات مسرحيات محمد لطفي جمعة: الأعمال الكاملة
ژانرها
والواقع المجهول، حول هذا التحول الخطير، يتمثل في وثيقة غير منشورة، عبارة عن عقد اتفاق بين لطفي جمعة وعزيز عيد، تم في 11 / 2 / 1917. ونص هذا العقد يقول: «اتفق كل من محمد لطفي أفندي جمعة طرف أول، وعزيز أفندي عيد مدير فرقة الكوميدي العربي في الأبيه دي روز طرف ثاني على ما يأتي: أولا: يقدم محمد أفندي لطفي جمعة الطرف الأول روايتين؛ الأولى ذات فصلين والثانية ذات فصل واحد، وهما مختارتان من الروايات الفرنساوية من نوع الكوميدي، وذلك في ميعاد أقصاه 18 فبراير سنة 1917 لتمثيلهما بواسطة فرقته المسماة فرقة عزيز في تياترو الأبيه دي روز. ثانيا: يتعهد الفريق الثاني بتمثيل الروايتين بعد خمسة عشر يوما من تاريخ استلامهما، ويدفع للفريق الأول عشرة فرنكات عن كل يوم يمضي بعد حلول هذا الميعاد إذا لم يمثل الروايتين. ثالثا: حقوق تأليف الروايتين المذكورتين هو خمسة عشر جنيها تدفع على قسطين؛ الأول: نصف مجموع إيراد ليلة التمثيل الأولى مخصوما منها الثلث الذي يتناوله الخواجة روزاتي مؤجر التياترو، ولا يخصم أي شيء آخر، والبقية من حقوق تأليف الروايتين، يدفعها عزيز أفندي عيد للمؤلف بعد شهرين من تاريخ تسليم الروايتين ليد عزيز أفندي عيد. رابعا: ليس للفريق الثاني حق رفض الروايتين المذكورتين بحال من الأحوال، أو الرجوع في أي بند من بنود هذا الكونتراتو، وإذا حصل منه ذلك يلزم بدفع مبلغ 15 خمسة عشر جنيها من تاريخ 11 مارس سنة 1917. خامسا: لعزيز أفندي عيد حق تمثيل هاتين الروايتين طول حياته، وليس للفريق الأول حق إعطائها لغيره. سادسا: الروايتان المذكورتان مختارتان من؛ أولا: رواية «بويوروش» تأليف كورتلين، ثانيا: من «البورتفويل» تأليف هرفيو. سابعا: إذا ظهرت واحدة من هاتين الروايتين أو الاثنتين معا بقلم كاتب آخر على مرسح عزيز أفندي عيد وبواسطة فرقته، فعزيز أفندي ملزم بدفع 15 جنيها للفريق الأول. تحريرا في يوم 11 فبراير سنة 1917 بنسختين [توقيع] الفريق الأول: محمد لطفي جمعة، الفريق الثاني: عزيز عيد.»
وإذا علم القارئ أن فرقة عزيز عيد، في تلك الفترة، كانت تقدم المسرحيات الكوميدية الهزلية ذات الطابع المبتذل، واللغة السوقية، سيتضح له لماذا اتجه لطفي جمعة إلى خوض غمار هذه التجربة، التي أساءت إلى إنتاجه المسرحي كثيرا. هذا بالإضافة إلى أن اختيار لطفي جمعة لعناوين مسرحياته، جاء بصورة مقززة، مثل: «خضر أرضك»، «حبيب القلب وحبيب الجيب»، «كانت لقية مقندلة»! فهذه العناوين ربما كانت من اختيار عزيز عيد، أو أن لطفي جمعة أراد أن يجاريه في اللون الذي يقدمه؛ لأن عزيز عيد كان دائما يتعمد إثارة الجمهور ولفت نظره، بعناوين شاذة لعروضه المسرحية، مثل «سكرة بنت دين كلب»، «يا ستي ما تمشيش كده عريانة» ... إلخ.
وبالرغم من ذلك، فإن التاريخ يثبت أن مسرحيات لطفي جمعة هذه لم تر النور مطلقا، ولم تعرض على خشبات المسارح. وقد ثبت أيضا أن العقد الذي تم بينه وبين عزيز عيد لم يتم تنفيذه، من قبل عزيز عيد، رغم تنفيذه من قبل لطفي جمعة، بدليل وجود مخطوطات هذه المسرحيات إلى وقتنا هذا. والتفسير المحتمل لما حدث أن لطفي جمعة كتب المسرحيات المتفق عليها في العقد، بل وأكثر منها، ظنا منه أنها ستمثل وستدر عليه ربحا وفيرا، ولكن من يعرف عزيز عيد، يعرف أنه غير مستقر في فنه المسرحي! ففرقته تتكون وما إن تبدأ حتى تتوقف ويتفرق أعضاؤها.
فإذا كان العقد المبرم بين لطفي جمعة وبين عزيز تم في فبراير 1917، فإن التاريخ يقول إن في مايو عام 1917، كان عزيز عيد ممثلا في فرقة نجيب الريحاني.
15
وهذا يعني أن فرقته قد توقفت قبل ذلك، وربما توقفت بعد كتابة العقد بأيام قليلة. ومن الطريف أن عزيز عيد لم يلبث ممثلا عند نجيب الريحاني، إلا ثلاثة أشهر، انتقل بعدها ممثلا في فرقة جورج أبيض.
16
وفي العام التالي 1918، انتقل إلى فرقة منيرة المهدية
17 ... وهكذا.
والسؤال الملح الآن ... لماذا أقدم لطفي جمعة على خوض هذه التجربة التي أساءت إليه وإلى إنتاجه المسرحي؟! الإجابة المحتملة - في ظني - هي الاحتياج المادي. فلطفي جمعة في مذكراته، كان دائما يشتكي من ضيق ذات اليد، خصوصا في هذه الفترة. وعندما أدرت عليه مسرحيته «قلب المرأة» بعض المال، أراد تكرار التجربة من أجل تكرار إدرار المال عليه، فلم يجد أمامه إلا عزيز عيد، ونوعيته المسرحية الممقوتة والمبتذلة، فسار في هذا الطريق، تحت ضغط الحاجة المادية.
صفحه نامشخص