[ذكر الخلاف في حدوث العالم]
وأما الخلاف في حدوث العالم: فقد تقدم ذكر قول الفلاسفة بقدم أعيان العالم، وأنه موجود بالقوة فيما لم يزل قبل وجوده بالفعل لأجل ثبوت صورة بزعمهم في النفس الأزلية، وكذلك قول المعتزلة بثبوت ذوات العالم فيما لم يزل لأجل تعلق علم الله بها بزعمهم فيما لم يزل، وأنه لا تأثير له سبحانه إلا في الصفة التي ليست بشيء، ولا لاشيء، ولا هي معلومة له، قالوا فيما لم يزل وهي الوجود.
وأما مذهب أئمة العترة - عليهم السلام -: فهو أن الله سبحانه
يعلم أنه لا شيء ثابت ولا موجود فيما لم يزل إلا هو وحده، وأن جميع ذوات العالم وصفاته أشياء، جعلها أشياء بعد أن لم تكن، وأنه لا يجوز وصف بعض العالم بالأزل وبعضه بالحدوث، ولا وصف الذات الواحدة بأنها أزلية ومحدثة أو ثابتة ومعدومة، وأن للعالم أصلا وفرعا، وكلا وبعضا، وأن بعض فروعه مما لا خلاف في حدثه، وإن حدث بعض الشيء وفرعه يدل على حدث كله وأصله؛ لعدم المخصص، ولأن كل ما له كل وبعض وأصل وفرع فله نهاية، وكلما له نهاية فهو محدث، ولأن جميع أصول العالم وفروعه غير خالية من الأعراض المتضادة التي يستحيل اجتماعها ويدل وجود كل واحد منها بعد عدمه على حدثه، وكل ما لم يخل من المحدث فهو محدث مثله.
[ذكر الخلاف في المؤثر في العالم]
وأما الخلاف في المؤثر في العالم: فقد تقدم أيضا ذكر قول الفلاسفة بالعلل التي زعموا أنها موجبة لأصل العالم وفروعه.
صفحه ۵۳