============================================================
وشاذ بين متفقين ، ولذا كان من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم قوله : " إن الإسلام بدأ فريبا، وسيعود غريبأ كما بدأ.. فطوبى للغرباء"(1).
هذذا وإن المتشبع بأخبار القوم حينما تتكشف له تلك المجاهدات الروحية لهؤلاء.: يدرك أنهم لم يصلوا إلى أعلى المقامات إلا بعد أن كابدوا المشاق، وقام عراك عنيف بينهم وبين نوازع النفس الدنية، حتى أماتوا هاذه الميولات في داخلهم، وتغلبوا على النفس الأمارة، وكبحوا جماحها بلجام التقوى، وطؤعوها إلى وجهة الأبرار، وأشبعوها بغذاء الأخيار، فكان هلذا الصنف ممن عناهم التنزيل الحكيم في قوله : { وأما من خاف مقام ريده وتهى النفس عن المولا * فإن الجنة هى التأوى) (1) ولا مراء أن هذذا المجمع العلمي المفعم بسير أقطاب الزهد والورع وآثارهم. . يحمل في طياته العلاج الناجع لداء القسوة والعجب والكبر وغيرها من الأدواء ؛ لأن رجال هذذا المجمع هم أطباء القلوب، بما آتاهم الله من العلم والحكمة ، لأن مداهم وهبهم هدى آخر فيضيا ، كما قال تعالى : وألزين أفتدوا زادهر هدى ومائكهم تقونه)، فلذلك كانوا مصابيح الهدى، وأئمة السلوك.
وإذا كان قد دخل الناس التار من ثلاثة أبواب كما يقول ابن القيم (2) وهي : -باب شبهة : أورثت شكا في دين الله .
باب شهوة : آورثت تقديم الهوى على طاعته ومرضاته باب غضب : أورث العدوان على خلقه فإن التأسي بهؤلاء ، والتهل من سيرهم ومجاهداتهم ، والجري في ميدان استقامتهم.
يجعل المتأسي بتوفيق الله تعالى ميالا عن هلذه الأبواب، حائدا عن طرق الردى: وقد يستغرب بعض آهل هذذا العصر شيئا مما ورد في هذذا الكتاب من آخبار وسير أصحاب القرون المتقدمة؛ من زهد في الدنيا ومتاعها، وزخرفها وزينتها، إلى غاية وإلى حد لا يصل إليه التصور، وللجواب عن ذلك . فإننا نعكس الأمر (1) اخرجه سلم ني (صحيحه * (140) عن ابن عبر رضى الله عنهما.
(2) الفوائد" (ص89)
صفحه ۱۲