============================================================
كما اجتهدوا، ونستبق إلى مراتب الأخيار، ونعزم على لي عنق الشهوة ؛ فلا نركن إلى الملاذ.:.
فكل من سار على الدرب وصل وللكن الذنوب جراحات ، ورب جرح وقع في مقتل ، فهل نخرج بالعزم من هذذا الفتاء الضيق إلى ذلك الفناء الرحب ، الذي فيه ما لا عين رأت 4 الا بكغ الله الحمى من يريده وبلغ اكناف الحمى من يريدها وإنما يبلغ الحمى من وطن العزم على المكاره، وأتعب نفسه اليوم رومأ لراحتها غدا، والطريق محفوف بالمشاق، فهو طريق : (تعب فيه آدم، وناح لأجله نوح، وؤمي في النار الخليل، وأضجع للذبح إسماعيل، وبيع يوسف بثمن بخس ولبث في السجن بضع سنين، ونشر بالمنشار زكريا، وذبح السيد الحصور يحى، وقاسى الضر أيوب، وزاد على المقدار بكاء داوود، وسار مع الوحش عيسى، وعالج الفقر وأنواع الأذي محمد صلى الله عليه وسلم)(1).
فلا نجاة إلا بالمجاهدة، ولا قرب إلا بالمكابدة ثم إن الناظر في هذذا السفر الجليل، والمتتبع لسير هؤلاء الأعلام الموفقين.. سوف يشعر حقيقة بالفجوة الهائلة المعترضة بيننا وبينهم، فيما يتراءى لنا نتيجة تكبلنا بسلاسل الشهوات، وإغراقنا في المتع والملذات، مما تسبب في تضاؤل القوى الروحية التي تغلب جيوش النوازع الدنيا .
ومن العوامل المثبطة من إذكاء الجذوة الإيمانية . . تلك التغيرات الجذرية، والتناقص المطرد في المعارف الإسلامية، نتيجة للترهل الثقافي المادي ، الذي استحوذ على حيز كبير من فكر المسلم ، إضافة إلى عوارض اجتماعية، وإفرازات حضارية لم تكن مائلة قبل على الساحة الإسلامية، وصدق الرسول عليه الصلاة والسلام إذيقول : " لا يأتي عليكم زمان ..
إلا والذي بعده شؤمنه، حتى تلقوا ربكم"(2).
بل إن المجتهد في الشير على نهج القوم في العصر الحاضر، المشحون بالعوائق..
سيصطدم بعقبات وعقبات، وربما لفحه هجير المعارضات، وإذا به غريب بين مواطنين (1) الفوائد" لابن القيم (ص 67).
(2) رواء البخاري (6657) في (الفتن) من حديث أنس رضي الله عنه مرفوعا
صفحه ۱۱