إحداهما:
إضعاف شأن المسلمين إضعافا كبيرا بهذه الثورات المتتالية.
وثانيتهما:
بنشر هذه الأساطير والأوهام بينهم مما أضعف عقولهم، وهما ضرران كبيران.
وكثيرا ما يعتقد الناس الاتصال فعلا بالمهدي، وتلقي تعاليمه كالذي رواه الشعراني من أن هناك اجتماعات روحية صوفية، وأنه كان أحد أفراد هذه الجمعية وهو صديق للشعراني واسمه الشيخ حسن العراقي أفضى إليه بأنه هو في حداثته كان يقيم في دمشق، وأنه أضاف المهدي أسبوعا عنده وأخذ عنه أساليب الذكر والزهادة، وأنه يستفسر من المهدي عن كل ما أشكل عليه، وأن هذا الاتصال سبب له طول العمر، فقد كان سن العراقي عندما تحدث بهذا الحديث يبلغ من العمر 127 سنة.
وقد ساح بعد ذلك إلى الهند والصين، ثم رجع إلى مصر ومنعوه من دخولها، وهناك قصص كثيرة حول الاتصال بالمهدي والأئمة والمختفين، وقد كانت هذه الفكرة تملأ أذهان الناس حتى استفتي فيها ابن حجر الهيثمي، وكان السؤال يدور على أنه سئل عن طائفة يعتقدون في رجل مات منذ أربعين سنة أنه المهدي المنتظر الموعود بظهوره آخر الزمان، ويعتقدون أن من أنكر مهديته فقد كفر فما قوله في ذلك، وقد سبب ذلك أنه وضع كتابا في أحاديث المهدي والمهدوية سماه «القول المختصر في علامات المهدي المنتظر».
وقد كان من جراء ذلك أن ألقى درسا كبيرا في هذا الموضوع في مكة حين حج، وقد ذكر بعض المستشرقين في كتاب ألفه عن فرق الإسلام أن بعض رجال الهنود ظهروا في الهند، وادعوا المهدية بينهم رجل يدعى الشيخ محمد الجونبوري دعا هذه الدعوة، ونفى من بلاد الهند، وتوفي سنة 1505، إلى كثير من أمثال ذلك.
وعلى الجملة فقد كانت هذه الحركة المهدوية حركة دائمة لا تنقطع في إثارة الفتن والقلاقل، ولم كان قد من الله على المسلمين بفنائها لتغير وجه تاريخهم، ونرجو أن التنبه الحديث والوعي القومي الكبير يقضي على هذه الأساطير.
وربما كانت ثورة المعري الفكرية سببها ما شاع في أوساطه من الدعوة إلى الإمام والمهدي المنتظر، وتلقي التعاليم عنه، فثار أبو العلاء على ذلك وقال: إنه لا يؤمن بإمام ولا مهدي وإنما يؤمن بالعقل؛ ولذلك أكثر في تقدير العقل وإحلاله أعلى مكان، وقال في ذلك أبياتا كثيرة من أوضح ذلك قوله:
يرتجي الناس أن يقوم إمام
صفحه نامشخص