287

وتعظيم وتكريم. وسجود إخوة يوسف له تحية وسلام. ولم يأت أن آدم سجد للملائكة. بل لم يؤمر بالسجود إلا لله رب العالمين. وبالجملة ، أهل السنة قالوا : إنه سجود تعظيم وتكريم وتحية له. وقالت المعتزلة : كان آدم كالقبلة يسجد إليه ، ولم يسجدوا له. قالوا ذلك هربا من أن تكون الآية الكريمة حجة عليهم. فإن أهل السنة قالوا : إبليس من الملائكة ، وصالح البشر أفضل من الملائكة ، واحتجوا بسجود الملائكة لآدم. وخالفت المعتزلة في ذلك وقالت : الملائكة أفضل من البشر ، وسجود الملائكة لآدم كان كالقبلة ، ويبطله ما حكى الله سبحانه عن إبليس ( قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا ) [الإسراء : 62].

الثاني : اختلفوا في الملائكة الذين أمروا بالسجود ، فقيل : هم الذين كانوا مع إبليس في الأرض. قال تقي الدين بن تيمية : هذا القول ليس من أقوال المسلمين واليهود النصارى. وقيل : هم جميع الملائكة ، حتى جبريل وميكائيل. وهذا قول العامة من أهل العلم بالكتاب والسنة. قال ابن تيمية : ومن قال خلافه فقد رد القرآن بالكذب والبهتان ، لأنه سبحانه قال ( فسجد الملائكة كلهم أجمعون ) [الحجر : 30] ، وهذا تأكيد للعموم.

الثالث : للعلماء في إبليس ، هل كان من الملائكة أم لا؟ قولان : أحدهما أنه كان من الملائكة. قاله ابن عباس وابن مسعود وسعيد بن المسيب ، واختاره الشيخ موفق الدين والشيخ أبو الحسن الأشعري وأئمة المالكية وابن جرير الطبري. قال البغوي : هذا قول أكثر المفسرين ، لأنه سبحانه أمر الملائكة بالسجود لآدم. قال تعالى : ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ، فسجدوا إلا إبليس ) فلو لا أنه من الملائكة ، لما توجه الأمر إليه بالسجود ، ولو لم يتوجه الأمر إليه بالسجود لم يكن عاصيا ، ولما استحق الخزي والنكال. والقول الثاني أنه كان من الجن ، ولم يكن من الملائكة. قاله ابن عباس ، في رواية ، والحسن وقتادة ، واختاره الزمخشري وأبو البقاء العكبري والكواشي في تفسيره. لقوله تعالى : ( إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه ) [الكهف : 50] ، فهو أصل الجن ، كما أن آدم أصل الإنس ، ولأنه خلق من نار ، والملائكة خلقوا من نور ، ولأن له ذرية ، ولا ذرية للملائكة.

قال في الكشاف : إنما تناوله الأمر ، وهو للملائكة خاصة ، لأن إبليس كان في صحبتهم ، وكان يعبد الله عبادتهم ، فلما أمروا بالسجود لآدم والتواضع له كرامة له ،

صفحه ۲۹۰