============================================================
[8.] ومنها أن التكاليف امتحانات، والامتحان قد يكون ليعلم من لا يعلم، وقد يكونا يظهر ما قد علم: فيعلمه من لم يعلم: وهى فى الحقيقة تمحيصات واستخلاصات، وبالامتحان يكرم الرجل او يهان، وعند الاختبار تظهر خبية الأسرار، وفي دار المحنة البلاء يمتحن الرجل ويبتلى (ليفلك من هلك عن بيتة ويخيا من حي عن بيتة) (9.أو منها أن الجنة كماكانت موعد الأبرار كذلك الناركانت موعد الفجار؛ فخلق الجنة وخلق لها أهلا، وخلق النار وخلق لها [أهلا]، وكما لم تقتصر الجنة على شخص واحد هو ادم - عليه السلام -بل عمت ذريته الطاهرين وأتباعهم من المؤمنين كذلك لم تقتصر النار على شخص واحد هو إبليس - لعنه الله -، بل عثت ذريته الخبيثين وأتباعهم من الكافرين: فلولا هبوط آدم إلى الأرض لما عمت النار لأهلها.
[15.] ومنها أن الحق له كونان: كون في الأول وكون في الآخر؛ وإنما تكون قوته في الآخر وضعفه في الأول؛ والباطل له كون واحد وهو الأول وقوته في الكون الأول، -133 ب- وكانت قوة إبليس على إزلال آدم في الأول وقوة آدم على إزلال إبليس في الآخر: وإنما أهبط إلى الأرض ليحصر اللعين في النار، وقد قرب ميعاد الحصر له والنار موعده، وقرب ميعاد النصر لآدم والجنة موعده، ودليل قرب الميعادين والموعدين أخذ النطق منه: اذكان ينطق على لسان أوليائه بإنكار أولياء الله في قولهم: إنا لانحتاج إليهم في المعارف: فصار نفس الانكار إقرارا ونفي الحاجة إليهم إتيانا، وصار السكوت أولى بهم؛ والوقوفا احرى بهم، فاليوم لاينطقون ولايؤذن لهم، فيعتذرون: وكما سلب الحركات القولية عنهم، فصر من الله وفتح قريب حتى سلب الحركات الفعلية منهم؛ فيحشرون حول جهنم جشيا. 11.] ومنها أن الحق والباطل على التضاد ، وفي الحق ترتب، أعني عالم ومتعلم وكامل ومستكمل، والمبدأ للمتعلم المستكمل، والمعاد والكمال للعالم الكامل، وكماكان آدم -علي اللام - على المبدأ وكان مبتدئا كان المصطفى -صلوات الله عليه وآله - على الكمال وكان منتهيا .
(12.] ومنها لو كان آدم في الجنة ياقيا على طهارته كان هو المبدا وهو الكمال؛ فأخرته الخطيئة على مدنه ليمتاز حال صاحب المبدا على حال صاحب الكمال وبظهر الترتب بين الصاحبين كما ظهر التضاد بين الخصمين، وغفر ما تقدم من الذنب وما تأخر في حق ليتهنل
صفحه ۳۷۳