============================================================
1132 مفاتيح الأسرار ومصابيح الآبرار عليه الضلالة* وقال: (أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا) وقال: (فمن يرد الله أن يفديه يشرخ صدره) وقال: (من يفد الله فهو المهتدي) وهذا يدل على آن لاتفويض وان الإيمان منبع الهداية، وهو حكم المفروغ. وسر آخر: أن القرآن بيان للناس والبيان يستدعي مبينا، وقد قال تعالى لنبيه -صلى الله عليه اله -: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم). فالقرآن هدى، والرسول-عليهاللام - هاي، وهو بيان، والرسول مبين، والقرآن صامت، والنبي ناطق؛ فاذا اجتمع البيان والمبين وسمع الطالب البيان وأمن بالمبين، فهوله نور وضياء: (قل هو للذين أمنوا هدى وشفاء)، وإذا لم يجتمع البيان والمبين، ولم يؤمن الطالب بالمبين، فهو له ظلمة وعمى، كماقال: (والذين لأيؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد" وكذلك قال -جلوعز- (هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب).
[قوله تعالى: (للمتقين)] والتقوى1 فعلى من وقيت، فجعلت الواو تاء ، كالتخمة؛ فإن أصلها وخمة من وخم الطعام. وكذلك التكلان أصله وكلان من وكلت؛ واتقى يتقي اتقاءا أصله اوتقى؛ فقليت الواوتاء وأدغمت إحدى التاءين في الثانية فقيل: اتقى؛ ومن أهل اللغة من قال: تقى يتقي بمنزلة وقى يقي، والأمر تق؛ ووقيته فاتقى أي منعته فامتنع؛ وقال ابن السكيت: أثقاه- بخفة -يتقيه، وتقاه يتقيه، ويقال: اتقى معناه استقبل الشيء بالشيء وتوقاه: ويقال: اتقاه بترسه، إذا جعل الترس حاجزا بينه وبينه، وأثقاه -بخفة- إذا وقاه، فجعل الاغطاء وقاية بينه وبين خصمه؛ ومنه التقية في الدين، وهو أن يجعل مايظهره حاجزا بينه وبين ما يختاه من المكروه، ومن يخشاه من المكره؛ فالمتقى هو الذي يتحرز بطاعته من العقوبة، وهذا اللفظ مماكثر استعماله في الديانات؛ فصار من الألفاظ الشرعية، كالايمان والتوكل، وأطلق على كل من يحذر المعاصي خوف العقاب.
وقال ابن عباس: هم الذين يتقون الشرك والكبائر -153 والفواحش؛ وقال الضحاك: المتقون هم الموحدون، وقال: فهم الذين وصفهم الله في الآيتين بعده فعرفهم بالذين يؤمنون بالغيب؛ وقال الحسن: هم الذين يتقون ما حرم الله ويؤدون ما فرض الله؛ وقال ابن 1. في الهامش عنوان: اللغة.
ليتهنل
صفحه ۱۹۸