42
وفي 27 أيار من هذه السنة عقد الأمراء اللمعيون جمعية في العرعار قرب بعبدات (لبنان) ضمت كثيرا من أعيان الدروز والمسيحيين المتنيين للمداولة بشأن قائم المقام الأمير بشير أحمد، واختلافه مع أنسبائه الأميرين علي وأمين رئيس مجلس قائمية المقام سابقا ومحاصرتهما إياه في داره حتى فر من برمانه، وأعاده خورشيد باشا بقوة عسكرية تخفره إليها. فاقترح هذا المجلس كتابة رسالة إلى الزحليين بهذا الشأن، فحدث اختلاف عليها بين الأمير أسعد موسى وصهره والأمير سيد أحمد وابن أخيه والأمير يوسف علي؛ لكنهم وقعوا أخيرا الرسالة
43
وذلك بشأن الأمير بشير عساف ليخلف الأمير بشير أحمد.
وفي أواخر حزيران من تلك السنة تألف وفد نحو ستمائة شخص من الزحليين
44
لينضم إلى الوفود اللبنانية التي ذهبت إلى بيروت للشكوى على قائم المقام الأمير بشير أحمد لدى أحمد عطا بك (المندوب العثماني لفصل الخلاف بين الأميرين)، وكثر التحزب للأميرين بشير عساف وبشير أحمد، فعرفت هذه العصبية بالعسافي والأحمدي كما سبق آنفا وكانت زحلة من الحزب العسافي.
وفيها بدأ السيد باسيليوس شاهيات ببناء كنيسة القديس يوسف في حارة الميدان المعروفة بكنيسة مار يوسف الشير وجعلها أسقفية.
ولما كان اللبنانيون بخصام مستمر مع الأمير بشير أحمد مثل كثير من الزحليين الذين هم من الحزب العسافي المذكور آنفا، تضايق الزحليون من معاملته ومصادرته، ومن الاضطراب الذي جرى في قائمية مقامه، وكان الأمير بشير قد وقف في 28 أيلول سنة 1858 وأقيم الأمير حسن اللمعي وكيلا عنه، فألف الزحليون وفدا من أعيانهم ساروا في أواسط كانون الأول سنة 1858 إلى بيروت، فقابلوا خورشيد باشا والي الأيالة إذ ذاك، وقدموا له عريضة يطلبون فيها تعيين حاكم عثماني يدير شئونهم لينسلخوا عن لبنان ويتخلصوا من حاكمه الذي كان يساورهم، فاستقبلهم الوزير بكل حفاوة وسكن روعهم، وعاهدهم أن لا يحتل مدينتهم احتلالا عسكريا كما كان قد نمى إليهم، فأظهروا له رغبتهم في تفضيل الوالي العثماني المدني على العسكري ويأسهم من التسويف بعدم قبول تظلمهم من الأمير بشير قائم المقام الذي شكوا أمره إلى المراجع العليا مرارا ولم تسمع شكواهم، فوعدهم الوزير أن يجيب مطاليبهم ويسعى في إسعادهم فودعوه شاكرين وضاربين موعدا لأخذ الجواب النهائي، ثم ساروا لمقابلة القناصل الأجنبية في بيروت وأظهروا لهم رغباتهم المذكورة فمنهم من استحسنها ومنهم من رفضها.
وفي 21 كانون الأول عقد الوزير مجلسا من أرباب الحكومة الملكية والعسكرية للمداولة بشأن طلب الزحليين وإجابتهم، فأقروا بعد المفاوضات على إرسال عريضة الزحليين إلى الأستانة، وأشاروا إليهم بالعودة إلى بلدتهم ومراجعتهم بشأن الجواب ليبلغوهم إياه بعد وروده فعاد الزحليون إلى بلدتهم متوقعين جواب الأستانة.
صفحه نامشخص