من التراب وهذا الحسن روحاني
فإذا كل يغني الحرية وكل يناديها، وهل في العشق ما يستدر عبرة أو يصعد زفرة لولا امتناع الحرية؟!
ما زالت الحرية - منذ كانت - تطرق باب كل فؤاد فيفتح لها، حتى طرقت باب فؤاد عبد الحميد أكثر من ستين عاما فلم تقدر على فتحه.
الحرية طافت بلاد الله، فكلما دخلت أرضا أعتقت المعتقلين فيها، فلما طرقت تركيا اعتقلت في سجنها ب «يلديز».
الاستبداد استنجد «فالاريس» و«نيرون» و«الحجاج» و«جنكيز» و«هلاكو» و«تيمورلنك» على الحرية، فهزمتهم معه وقهرته معهم. ولكنه حين استنجد عبد الحميد دام نصره عليها ثلاثا وثلاثين سنة.
لو لم يكن على وجه الأرض أمم أخذوا الحرية من ملوكهم قسرا، وإن هذه الأمم تشارك عبد الحميد في استنشاق الهواء لكان غير فان، فأما وقد نالت رعيته الحرية وأنفه راغم فلن تطول أيامه.
كريهان يؤذيهما طيبان: الجعل يؤذيه ريح الورد، وعبد الحميد يؤذيه نسيم الحرية.
ولقد حكم عبد الحميد الأجساد ولم يحكم القلوب، اشترى طاعة بعضها برهبة بطشه والرغبة في دنانيره وأبى عليه بعض القلوب؛ وبذا هان عليها سلطانه وحقر فيها ذهبه، فخرج قوم عليه بأقلامهم حين دخلوا حصونا لا تنالهم فيها أسيافه، فقالوا فيه ما يخلد مع اسمه خلود الدهر، وفتحوا عيون الغافلين إلى عيوبه، وما سكنت العاصفة التي عصفت بأنفاس «كمال» ورجال عهده إلا هاجت غيرها. ولا حاجة بنا إلى ذكر كل صادح وباغم فيتسع لنا الميدان، وحسب القارئ الكريم أن يلم بالأهم فيكفيه طلب المهم.
الشاعر الحر الشهير المرحوم ناربي لوسينيان.
كاتبان من كتاب العهد الجديد من عهدي الحرية عليهما السلام، أحدهما جاور ربه، وا أسفاه! وهو خليل غانم، وثانيهما لا يزال حيا ، والحمد لله، وهو محمد قدري.
صفحه نامشخص