الجزء الأول
إلى مؤسس بناء الحريةالأمير الجليل المرحوم مصطفى فاضل باشا
مقدمة
الجرائد المصرية في سنة 1892 وما قبلها وما بعدها
السياسة الإنكليزية بمصر في سنة 1892
المرحوم عبد الله النديم وأستاذه
حزب تركيا الفتاة
مذابح شهداء الحرية من إخواننا الأرمن
جرائد العثمانيين الأحرار بمصر وغيرها
فرار مراد الطاغستاني من الآستانة إلى مصر وسبب ذلك
صفحه نامشخص
حال الأحرار وجمعياتهم بعد هرب مراد من الآستانة
وقع ما كتبه الأحرار على دوائر الظلم بالآستانة
أبو الهدى بالآستانة وبمصر
ماذا كان يريد أبو الهدى؟
اللورد كرومر وأحرار العثمانيين
بين التابع والمتبوع
أنا في حزب الأحرار
الأميرة الجليلة الفاضلة «نازلي هانم»
الجنرال أحمد جلال الدين
الشيخ محمد ظافر المدني
صفحه نامشخص
عزت العابد
شر جديد
بعض ما مر علي بنظارة المعارف
الحرب العوان
محمد باشا الجركسي المعروف بأبي لحية
شتم وضرب وقتل
السياسة الحميدية
الجزء الثاني
مقدمة
كيف نفوني إلى سيواس؟
صفحه نامشخص
السجن
أعوان النقمة
السجن الجديد
الأحرار في بطون الأرض
بعض ما وقع أيام سجني
من السجن إلى الباخرة
نظرة في حال فروق
وداع فروق
صامسون
كتاب إلى الصديق الأوفى رفيق التلمذة
صفحه نامشخص
إلى سيواس
سيواس
وفاة الحاج حسن حلمي باشا والي سيواس
زفرة من زفراتي
ما كابده أهل بيتي في فروق
قدوم رشيد عاكف واليا على سيواس
كلمة في الأناضولي
جغرافية ولاية سيواس
آثار القدماء في سيواس
تلخيص الخلاصة في تاريخ سيواس
صفحه نامشخص
رجال الدين في سيواس
أقيال سيواس وسراتها
إخواني في النفي
كيف مرت أيامي بسيواس؟
أهل سيواس
الأمة والشورى
ملخص الصور
الجزء الأول
إلى مؤسس بناء الحريةالأمير الجليل المرحوم مصطفى فاضل باشا
مقدمة
صفحه نامشخص
الجرائد المصرية في سنة 1892 وما قبلها وما بعدها
السياسة الإنكليزية بمصر في سنة 1892
المرحوم عبد الله النديم وأستاذه
حزب تركيا الفتاة
مذابح شهداء الحرية من إخواننا الأرمن
جرائد العثمانيين الأحرار بمصر وغيرها
فرار مراد الطاغستاني من الآستانة إلى مصر وسبب ذلك
حال الأحرار وجمعياتهم بعد هرب مراد من الآستانة
وقع ما كتبه الأحرار على دوائر الظلم بالآستانة
أبو الهدى بالآستانة وبمصر
صفحه نامشخص
ماذا كان يريد أبو الهدى؟
اللورد كرومر وأحرار العثمانيين
بين التابع والمتبوع
أنا في حزب الأحرار
الأميرة الجليلة الفاضلة «نازلي هانم»
الجنرال أحمد جلال الدين
الشيخ محمد ظافر المدني
عزت العابد
شر جديد
بعض ما مر علي بنظارة المعارف
صفحه نامشخص
الحرب العوان
محمد باشا الجركسي المعروف بأبي لحية
شتم وضرب وقتل
السياسة الحميدية
الجزء الثاني
مقدمة
كيف نفوني إلى سيواس؟
السجن
أعوان النقمة
السجن الجديد
صفحه نامشخص
الأحرار في بطون الأرض
بعض ما وقع أيام سجني
من السجن إلى الباخرة
نظرة في حال فروق
وداع فروق
صامسون
كتاب إلى الصديق الأوفى رفيق التلمذة
إلى سيواس
سيواس
وفاة الحاج حسن حلمي باشا والي سيواس
صفحه نامشخص
زفرة من زفراتي
ما كابده أهل بيتي في فروق
قدوم رشيد عاكف واليا على سيواس
كلمة في الأناضولي
جغرافية ولاية سيواس
آثار القدماء في سيواس
تلخيص الخلاصة في تاريخ سيواس
رجال الدين في سيواس
أقيال سيواس وسراتها
إخواني في النفي
صفحه نامشخص
كيف مرت أيامي بسيواس؟
أهل سيواس
الأمة والشورى
ملخص الصور
المعلوم والمجهول
المعلوم والمجهول
تأليف
ولي الدين يكن
الجزء الأول
ما كان أهنأني وأسعدني
صفحه نامشخص
لو كان ينفع معشري قلمي
أنا لي فؤاد لا أنزهه
لكن يراقب ما يقول فمي
إلى القراء
بهذا الكتاب أشياء، وقد فاتته أشياء، وفي أحوال العالم ما يمنع الإفصاح بكل ما يدور بالخلد. على أنني لا أحب أن أخرج من هذه الدنيا قبل إظهار ما عندي من الخوافي، فإذا وفقني الله إلى أمنيتي تلك كنت سعيدا.
حين تذهب دول الظلم ويذوق الناس نعيم العدل يقرءون مثل كتابي هذا بارتياح.
وإذا وهب الله أقوامنا من الترقي أكثر مما نالوه وبقيت أنا حيا بينهم كلمتهم بما يخالج صدري تصريحا لا تلميحا.
مؤلف الكتاب
إلى مؤسس بناء الحريةالأمير الجليل المرحوم مصطفى فاضل باشا
قائد كتائب الحرية والأحرار الأمير المرحوم مصطفى فاضل باشا الشهير.
صفحه نامشخص
أيها الأمير
أنطقت كمالا وأصحابه، واخترت الصمت. ولدت بنفسك غنيا ومت لوطنك فقيرا. علمت محب الحرية كيف يغنيها فغناها، ثم طربت فشربت كأسا هي الحمام، في حب حبيب هو الوطن . ما كنت شاعرا ولكن خلقت الشعراء. فلما جئت في لداتي لم نجد ما نقول بل كررنا ما قاله الأسلاف من تلامذتك.
لو أمست البلاد العثمانية كلها قبرا لك وحدك، وخيط كفنك مما يتسرب من آماق بنيها من الأشعة، وأقيم لك تمثال من الذهب أطول من برج «إيفل» عشر مرات، وكتب مدحك على أديم الأرض من شمال البالقان إلى جنوب اليمن، لكان ذلك دون قدرك.
هذا كتاب فصوله كثيرة، ولكنها فصلان، لي في كليهما شئون؛ أما الفصل الأول فبيان لمحنة الأمة، وأما الفصل الثاني فاستخراج العبرة من تلك المحنة. وقد ذهب الشر وجاء الخير ولكن ضعت أنت في الفترة.
هذا كتاب أهديه إلى اسمك الخالد، لا تقربا إليك بأمل دنيوي، إذ لا سبيل إليك، بل تشريفا لي ولكتابي، ثم اعترافا لك بفضل لا يخالفني فيه أحد. فليطب مضجعك، ولتتغمدك الرحمة، وليسق ثراك الغيث أيها الأمير الفاضل الجليل.
ولي الدين يكن
مقدمة
1
كتابي سر في الأرض واسلك فجاجها
وخل عباد الله تتلوك ما تتلو
صفحه نامشخص
فما بك من أكذوبة فأخافها
ولا بك من جهل فيزرى بك الجهل
سيشهد من يتلوك إن كان عادلا
بأن بني حواء ما بينهم عدل
للمؤلف
بين فروق ومصر نجي من الغيب تتراوح به الرسل فتقصر في بلاغه، وتتحمله النسائم فتعجز عن تأديته. لكل عند صاحبتها لبانة، ولكل لدى الأخرى مكانة؛ شدت أواصر القربى بينهما فأحكمت، ثم رثت فتراخت، ثم دبت بين الأم وبنتها عقارب الجفوة، فكادت تنفرج مسافة الخلف وتنفصم عرى الود؛ ولكن تدوركتا من حيث لم تحتسبا، فباتتا على ريب من أمريهما، فمتأمل في حاليهما يقول:
وكل مظهر للناس بغضا
وكل عند صاحبه مكين
ومتسل بواحدة عن الأخرى ينشد:
تسلى بأخرى غيرها فإذا التي
صفحه نامشخص
تسلى بها تغري بليلى ولا تسلي
أما فروق فهي الغانية، بزت حليها وحلاها، واستغنت بجمالها عن تجملها، عروس الطبيعة الناشز، المنعمة الممنعة، تهب الصبابة وتسلب الجلد. للملوك مصارع من حسنها، وللرعايا مصارع من ظلمها. يقيم على غرامها إلى الأبد من نظر إليها نظرة واحدة.
وأما مصر؛ فهي الفتاة، أنسها قريب وملالها أقرب؛ أكبر من أمها سنا، وأقدم منها بالحضارة عهدا؛ رائعة الخلق والخلق، عروب، لعوب، نئوم، مكسال، صادق حبها، كاذب وعدها ووعيدها.
الفاتنتان تتباينان فتتراجعان، ولا تستمران على قطيعة.
أما بنو فروق، فمغلوبون على أمرهم؛ قضي عليهم ألا يتحاصوا من الحياة الدنيا إلا الهموم، يعيشون فيها، لا يرون بها شمسا ولا زمهريرا (ولا يسمعون لغوا ولا تأثيما)، عاليهم ثياب من نار، كلما شوت منهم جلودا بدلوا بها جلودا. تتعاقب الآناء وهم سكارى حيارى، كأن عهدهم بالحشر قريب، ينظرون من خلل اليأس إلى بارق الأمل.
وكأنه برق تألق بالحمى
ثم انضوى وكأنه لم يلمع
يكاد البرق يخطف أبصارهم، كلما أضاء لهم مشوا فيه، وإذا أظلم عليهم قاموا. أوصدت دونهم أبواب القبول وحيل بينهم وما يشتهون. فأيد بسطت ضارعة بالذلة، ووجوه عنت منقبة بالمسكنة، وأبصار زاغت وفي لواحظها نعاس الخمول، وقلوب شقت وفي أشطارها معاني الشكوى. وما يغني التطلب! أقعدت العزمات وصغرت الهمم، وفاضت النفوس وراحت الآمال، وبوعد بين الشباب وبين الوصال.
أما لو أن زهور الرياض مقل، وقطرات الطل دموع، وأنفاس النسائم زفرات، وأغاريد الطيور نحيب، والأقاحي ثغور تناجي، والبراكين أفئدة تتقد، والقيامات أنات الضمائر، وخطوب الدهر أحزان بنيه؛ لقل ذلك عند وقوف المتأمل على أجداث إخواننا الشهداء. ألا بنفسي تلك اللحود، صمت نازلوها ونطقت صناديقها، ألا ما لمثل هذه الأفئدة البشرية هذه الشجون. بلى هي قوى كهربائية لها من كل ويل تيار.
أما بنو مصر، فمغلوبون على أمرهم؛ ذاقوا مرارة الذل أولا، ثم بدلوا منها أريا شهيا، وأوتوا رخاء وعيشا معللا جانبه. أسفرت لهم الحرية، عدوة الملوك وحبيبة الشعوب. راموها زرقاء فأتت حمراء، وما تلك بحمرة خجل ولا حمرة دم؛ إن هو إلا الحياء يورد الخدود ويقصر الخطى؛ فهم مغبوطون وهم حاسدون، ذلوا لها حين استعصت، ودلوا عليها حين سلست، وأنساهم عذب الوصال مر الهجران.
صفحه نامشخص
ليقف من شاء من أبناء حواء على منارة من منارات فروق، وليدع طرفه يرود تلك الهضاب في أبرادها السندسية، وليفسح له مجالا في مسارح خلت من أوانسها، وليرم به إلى قرارات كالدراهم. تلمع بكرة وتلتهب أصيلا. مراودها الغزل ومسالكها العفاف. فإذا بدا له «البوسفور» في ازرقاق عبابه، وتجعد أديمه، وازدهار شطيه، واطلاع أقماره، فليرجع البصر إلى منازل كأنها لعب أو علب، كأنها بنيت بعضها فوق بعض. فلينصت هنالك قليلا، وليسأل بعدها عما سمع ورأى. أما والله ليصيحن بملء فيه منشدا قول المعري:
خفف الوطء ما أظن أديم ال
أرض إلا من هذه الأجساد
رب دار كأنها قفص البلبل، في وسط حديقة كأنها طبق زهر، ثم فتاة أفرغ الله نوره فتكونت منه، يدخل عليها داخل وهي غارقة في هواجسها، فتقول له: ما أخر أبي؟ ما أبطأ بأخي؟ لم لم يحضر هو ...؟ وهو معلوم، فيقول لها أبوك نفي وأخوك سجن وهو ... ضاع بين الأزرقين، السماء و«البوسفور». فلا أدري، بل لا أود أن أدري ما يكون من لحظيها إذا أسبلا بكاء، وما يكون من ذلك الوجه إذا رفع في يأسه وحزنه إلى السماء، وقال فمه مرة واحدة: آه!
وليقف بعد ذا من أراد على قمة الهرم الكبير في مصر، وليتأمل بنت إيزيس وأوزريس؛ أما والله لا يلبث أن يرى الوجوه الضاحكة، خلال المغاني الآهلة، فيبدو لتأمله فرق ما بين العاصمتين.
2
بفروق قصر وبمصر قصر؛ القصران مصدران للأحكام، وموردا للآمال، هما كشقي المقص؛ إذا افترقا أحاطا وإذا تجمعا فرقا. هما الصرحان تطل منهما المعالي ويشرف سلطان القوة. يقلبان ولا يتقلبان، على أيهما وقف البصر خشع وأيهما حضر بخيال النفس هالها! يا داري العزة ما الخورنق والسدير! ما إيوان كسرى وما قصر الحمراء! ما ربع مية يطيف بها غيلان وهو معمور! بل ما إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد!
تطاولت الأيدي حتى انتهت إليهما، فما بقي مكان خاليا إلا وطرقه طارق منتاب، أحيطا، فمنعا، فعزا، فأرهبا، ثم اغترا، فأعملا، فأذلا، فأغضبا، ثم زادا، فأفنيا، فأثارا. وما هي إلا صيحة أخذتهما فتساقطت تلك اللبنات الذهبية، وقعقعت هاتيك العروش، وقضي الأمر . وكذلك يستدرج ربك بعباده من حيث لا يعلمون.
مضى زمان العمل وجاء زمان الحساب. وقد قال شاعر العرب:
فشككت بالرمح الأصم ثيابه
صفحه نامشخص
ليس الكريم على القنا بمحرم
القاضي هو الحق، والمخاصم هو الأمة، ومن كان نصيره تاجه وصولجانه فالأمة نصيرها الله.
3
قلت (له) قبل اليوم بنحو الثلاث عشرة سنة من أبيات لي:
ضع الأمر في موضع الإعتبار
فإن الزمان زمان العبر
ولا يفرحنك زوال الخطوب
فكم إثرها من خطوب أخر
مصاب مرير إذا ما انقضى
تلاه مصاب عليك أمر
صفحه نامشخص
حياتك أمست حياة التساوي
فلست تساء ولست تسر
إذا ما أماني الهوى برزت
وكل خفي بها قد ظهر
وشام بصير وأصغى سميع
وراحت ترود المعاني الفكر
وقال زمانك كيف التحامي
وناداك دهرك أين المفر
هنالك تشكو كما كنت تشكى
ويجري بما لا تشاء القدر
صفحه نامشخص
واليوم لا أجد ما أزيد على هذا المقال.
4
أضحت مصر منذ سنة 1517 ولاية عثمانية، عاشت سلسة القياد، لينة العريكة، إلا ما كان يأتي به بعض المتغلبين من بقية السيف، من ساداتها الأول منذ سنة 1766.
وفي سنة 1794 أخرج نابوليون الأول من الجيش العامل في فرنسا؛ فهم أن يقصد إلى الملك العثماني لينظم مدفعيات العثمانيين، لكنه استبقى لفرنسا حتى سلط مدفعياتها على الهرمين في سنة 1798 وهزم عنهما مراد بك وإبراهيم بك، ثم أجفل إلى بلاده وأخرجت جنوده الجنود العثمانية والبريطانية.
وقد شاءت الأقدار أن يغنم مصر سليم الأول ويخسرها سليم الثالث، كما رفع فرنسا نابوليون الأول ووضعها نابوليون الثالث. وشتان بين سليمنا الثالث ونابوليونهم الثالث. إن سلطاننا كان حرا وحكيما وعادلا، ولكن جنى عليه الجانون.
فلما اطمأنت مصر بعض الاطمئنان إلى محمد علي الأول بعد سنة 1811؛ دخلت في تاريخ جديد.
فإذا تأملناها منذ أخذها العثمانيون إلى يومنا هذا؛ رأينا الغرابة فيها من ابتداء سنة 1892 وما تلاها من السنين. وسيأتي الكلام على بعض تلك النوائب إيثارا لتخليدها.
5
وهبتني مصر تجارب ووهبتني فروق تجارب، وكتابي فيه مواهب العاصمتين ومختصر من تاريخ القطرين وعبر من وقائع القصرين؛ فمن قال فيه إنه دفتر الحسنات والسيئات فقد صدق، ومن قال فيه إنه ديوان السياسة فما أخطأ. على أني أتمثل بقول أبي الطيب:
ليت الحوادث باعتني الذي أخذت
صفحه نامشخص