وَأما البله فَهُوَ طرف تفريطها ونقصانها عَن الِاعْتِدَال وَهُوَ حَالَة للنَّفس تقصر بالغضبية والشهوية عَن الْقدر الْوَاجِب ومنشؤه بطء الْفَهم وَقلة الاحاطة بصواب الْأَفْعَال ويندرج تَحت فَضِيلَة الْحِكْمَة حسن التَّدْبِير وجودة الذِّهْن وثقابة الرَّأْي وصواب الظَّن
أما رذيلة الخب فيندرج تحتهَا الدهاء والجربزة وَأما رذيلة البله فيندرج تحتهَا الغمارة والحمق وَالْجُنُون
أما الشجَاعَة فَهِيَ فَضِيلَة الْقُوَّة الغضبية بِكَوْنِهَا قَوِيَّة الحمية وَمَعَ قُوَّة الحمية منقادة لِلْعَقْلِ المتأدب بِالشَّرْعِ فِي إقدامها وإحجامها وَهِي وسط بَين رذيلتين مطيفتين بهَا وهما التهور والجبن
فالتهور لطرف الزِّيَادَة على الِاعْتِدَال وَهِي الْحَالة الَّتِي بهَا يقدم الْإِنْسَان على الْأُمُور المخطرة الَّتِي يجب فِي الْعقل الاحجام عَنْهَا
وَأما الْجُبْن فطرف النُّقْصَان وَهِي الْحَالة الَّتِي بهَا تنقبض حَرَكَة الْقُوَّة الغضبية عَن الْقدر الْوَاجِب فتصرف عَن الْإِقْدَام حَيْثُ يجب الْإِقْدَام وَمهما حصلت هَذِه الْأَخْلَاق صدرت مِنْهَا هَذِه الْأَفْعَال أَي يصدر من خلق الْجُبْن الاحجام لَا فِي مَحَله وَمن التهور الْإِقْدَام لَا فِي مَحَله وهما خلقان مذمومان
وَمن الشجَاعَة يصدر الاقدام والاحجام حَيْثُ يجب وكما يجب وَهُوَ الْخلق الْحسن الْمَحْمُود واياه أَرَادَ بقوله تَعَالَى ﴿أشداء على الْكفَّار رحماء بَينهم﴾ فَلَا الشدَّة فِي كل مقَام محمودة وَلَا الرَّحْمَة بل الْمَحْمُود مَا يُوَافق معيار الْعقل وَالشَّرْع فَمَتَى حصل لَهُ ذَلِك فلينتظر فان كَانَ طبعه مائلا إِلَى النُّقْصَان الَّذِي هُوَ الْجُبْن فليتعاطى أَفعَال الشجعان تكلفا ومواظبة عَلَيْهَا حَتَّى يصير لَهُ بالاعتياد
1 / 87