النَّفس فَإِن الْأُمُور التصديقية لَا يُمكن أَن يخبر عَنْهَا مَا لم تصور فِي النَّفس وَلم تترسخ فَإِذا تمكنت النَّفس من التَّصَوُّر سارعت إِلَى التَّصْدِيق
وَيَنْبَغِي على هَذَا الْفَصْل معرفَة جَمِيع الصِّفَات الآلهية لِأَن صِفَاته كلهَا اعتبارات واضافات وسلوب وَلَيْسَت زَائِدَة على الذَّات وَلَا توجب كَثْرَة فِي الذَّات السُّؤَال التَّاسِع
فَإِن قيل إِن كَانَ التعقل هُوَ أَن يحصل للعاقل حَقِيقَة الْمَعْقُول فَإِذا يحصل لنا إِذا عقلنا الْإِلَه والعقول بصور حقائقها فَلِكُل إِذا مِنْهَا حقيقتان فَلم لَا يجوز أَن يحصل لذواتنا أَيْضا حقيقتان وَهُنَاكَ يجوز
قُلْنَا إِذا أمكننا أَن نعقل المفارقات بصور حقائقها فِي نفوسنا فَيكون لَهَا حقيقتان حقائق فِي أَنْفسهَا لأنفسها وَهِي بهَا مُفَارقَة وحقائق متصورة فِينَا فَهِيَ لنا وَهِي أَعْرَاض وأمثلة لتِلْك الْحَقَائِق فَإِن الْعُلُوم بالجواهر لَا يكون جَوَاهِر بل تكون فِي الأذهان عوارض وَفِي أَنْفسهَا جَوَاهِر ثمَّ إِنَّا نشعر بذواتنا وَلَيْسَ شعورنا بهَا إِلَّا حُصُول حقيقتنا لنا من غير وَاسِطَة وَإِلَّا فَيحصل دور وَذَلِكَ أَنا إِذا قُلْنَا تعقلنا ذاتنا وأردنا بهَا إدراكا ومثالا غير حُصُول الْحَقِيقَة فانما يكون تعقلا ان لَو حصل حَقِيقَته لنا وانما تحصل الْحَقِيقَة ان لَو تعقلنا وَلَيْسَ يتَعَلَّق الْكَلَام بالتعقل أَو الشُّعُور بل بِكُل إِدْرَاك كَانَ فانه مُلَاحظَة لحقيقة الشَّيْء لَا من حَيْثُ هِيَ خَارِجَة وَلَو كَانَت المدركات هِيَ الْخَارِجَة لم تكن الْأُمُور المعدومة معقولة بل هِيَ فِينَا وَلَيْسَت الملاحظة وجودا لَهَا ثَانِيًا بل نفس انتقاشها فِينَا وَإِلَّا لتسلسل إِلَى غير النِّهَايَة إِلَّا أَنا على سَبِيل التَّوَسُّع نقُول نلاحظ حقائقها تشبها بالمحسوسات على مجْرى الْعَادة وَعند التَّحْقِيق المحسوسات أَيْضا
1 / 69