الْعقل لَا تركيبا جسمانيا أَو مُتَوَهمًا حَتَّى أَن الْعقل الَّذِي هُوَ الْمُبْدع الأول لَا يكون وَاحِدًا صرفا بل فِيهِ اعتباران وَلِهَذَا صدر مِنْهُ أَكثر من الْوَاحِد السُّؤَال السَّادِس
فان قيل إِذا حصلت الصُّورَة المعقولة للنَّفس استحضرت النَّفس تِلْكَ الصُّورَة فَهَل تحْتَاج إِلَى إِدْرَاك آخر انها أدْركْت أَو حصلت لَهَا الصُّورَة المعقولة الْمُجَرَّدَة
قُلْنَا لَا بل نفس الادراك وَإِنَّمَا هُوَ حُصُول الصُّورَة مُجَرّدَة للنَّفس فَإِن حصلت فقد أدركتها وَإِلَّا فيعد غير مدرك وَلَا وَاسِطَة بَينهمَا وَلَا يحْتَاج إِلَى إِدْرَاك آخر فَإِنَّهُ يتسلسل السُّؤَال السَّابِع
فان قيل النَّفس فِي تَحْصِيل المعقولات تفزع إِلَى الْقُوَّة المفكرة فتستعملها فِي تَرْتِيب الْمُقدمَات واستنتاج المطالب وَهَذَا انما يكون فِي اليقضة إِذا أَقبلت عَلَيْهَا وَفِي النّوم تتعطل المخيلة وَكَذَا بعد الْمَوْت فَكيف يحصل بعد ذَلِك الْمَعْقُول
قُلْنَا أَولا غير مُسلم إِن الْقُوَّة المفكرة تبطل فِي النّوم وان النَّفس تتعطل عَن ذَلِك بل كثيرا مَا تستولي النَّفس على المتخيلة إِذا كَانَت خَالِيَة عَن شواغل الْحَواس فتغصبها وتستعملها فِي مطالبها وَلِهَذَا ينْكَشف كثير من المعقولات فِي النّوم
نعم الْغَالِب أَن المتخيلة تستولي فِي النّوم وَلَا تطيع النَّفس وتجد الْحس الْمُشْتَرك خَالِيا فتنقش فِيهِ الصُّورَة وَلِهَذَا يحْتَاج أَكثر الرُّؤْيَا إِلَى التَّعْبِير ثمَّ النَّفس قد تحْتَاج فِي الْمَعْقُول إِلَى المفكرة بل يكون قوي الحدس زاكي النَّفس
1 / 67