كان يود لو فعل، وأراد بهذه المناسبة أن أتحدث باسمه إليها أسألها الموافقة.
وعدتها أن أنهي ترجمة الكتاب في أشهر معدودات. ولقد فعلت. وقام الأستاذ محمود أمين العالم بمراجعة الترجمة، وأشرف على متابعة النشر عن كثب الدكتور محمد حسن الزيات، زوج ابنتها ووزير الخارجية المصرية في ذلك الوقت، وصدر الكتاب في طبعته الأولى عن دار المعارف في القاهرة، وأرسلت لي السيدة سوزان طه حسين أول نسخة منه سعيدة مبتهجة برؤيتها الكتاب منشورا.
فوجئت إذ وصلني الكتاب أن الغلاف لا يحمل اسم المترجم ولا المراجع، ولا كذلك صفحة العنوان الأولى. لكن الصفحة التالية كانت تحمل في أسفلها وببنط شديد الصغر اسمينا. لم ير الناشر وقتها ضرورة وضعهما، كما جرى العرف، على صفحة الغلاف الخارجي ولا على صفحة الغلاف الداخلي. وحين نشرت الفصول الأولى من الكتاب مقتطفات في العدد الأول من مجلة أكتوبر، تم أيضا تغييب اسمي المترجم والمراجع معا، حتى إن مجلة عربية أسبوعية كانت تصدر في باريس نوهت بذلك تحت عنوان طريف: «الوحدة السورية المصرية تعود من خلال تغييب اسم المترجم والمراجع في كتاب «معك» لسوزان طه حسين» أو شيء من هذا القبيل.
يقال: رب ضارة نافعة! والحق أن محاولة التغييب هذه دفعت القراء للبحث عن الاسمين. وما أكثر الذين كسبت صداقتهم في مصر وودهم بفضل هذه الترجمة، التي لم تجد - كما كان جاك بيرك يتمنى ومعه سوزان طه حسين - طريقها إلى قراء العربية في أقطار الوطن العربي في مشرقه ومغربه.
تلك قصة هذا الكتاب الذي يجده القارئ بين يديه مجددا بفضل رغبة العديد من الأصدقاء، وعلى رأسهم الأستاذ الدكتور جابر عصفور الذي يتابع بجهد وأناة وبصيرة وسعة أفق ما كان طه حسين قد دعا إليه وبدأه: الانفتاح على العالم أجمع من خلال التواصل الثقافي والحضاري عبر الترجمات والتبادلات والحوارات. لا أريد أن أعلق عليه ولا على ما جاء فيه. للقارئ أن يعيد التعايش مع مرحلة من تاريخ مصر عبر حياة واحد من كبار أبنائها عاشها مفجرا كل لحظة من لحظاتها إبداعا ونتاجا ومشاركة حثيثة في هموم مجتمعها وهواجسه وتطلعاته وآماله. وللقارئ الشاب بوجه خاص أن ينعم النظر فيما سيقرأ: قصة وسيرة مثل في فن الحياة، يسعه إن شاء أن يبحث - ولو أعياه البحث - عن مثيل له في أيامنا هذه.
باريس-القاهرة، 18 نوفمبر 2008
د. بدر الدين عرودكي
سوزان طه حسين •••
معك
من فرنسا إلى مصر «قصة حب خارقة»
صفحه نامشخص