Gabrieli »
256
مضطربا إلى حد ما، إلا أنه لما كان يعرفه فإنه كان يفهمه. كان يعرفه ويحبه، وقد عرف أن يعبر لي عن ذلك بعد موت طه بكلمات نفذت إلى قلبي. لقد حصل على تقاعده في السنة الماضية، وكان درسه الأخير الذي خصصه للحديث عن طه ثناء مؤثرا من الصديق المخلص.
وقد عقدت جلسات الندوة في سان جيورجيو أيضا، وعندما لم نكن نملك الوقت للعودة إلى الفندق - وكان ذلك أمرا معقدا عندما نكون في جزيرة - فقد كان المؤتمرون يتناولون طعام الغداء في قاعة الطعام بالمؤسسة، وكان الكونت تشيني يتناول في كل مرة ذراع طه ولا يتركها قبل أن يطمئن إلى جلوسه جلسة مريحة.
وأقام الكونت حفل استقبال في الدار الجميلة - وهي إحدى قصور البندقية القديمة والجميلة كما هو واضح - القائمة على زاوية القنال الكبرى وقناة نسيت اسمها. كل شيء كان يخلو من البذخ، لكن كل شيء كان يبدو رائعا. ولن يحدث لي أبدا مرة أخرى أن أشرب قهوتي في حين أرى أمامي لوحة رائعة ل «فيرونيز
Véronèse »، وعلى يساري لوحة لتينتوريتو. كانت هذه الأشياء التي لا تقدر بثمن في مكانها الطبيعي، شأن الخزائن القديمة والصوانات والطنافس التي لم تكن تقل راحة عن المقاعد الحديثة ونقاء اللوحات ذات الأطر الجميلة. لم يكن هناك أقل إفراط أو تزيد، ولم أر شيئا يماثل هذا الكمال.
استأثرت ابنة مضيفنا - وهي امرأة شابة - بطه، وتفاهما على نحو جيد، وقد وجد طه نفسه على سجيتها في هذا الوسط الذكي المرهف بلا ادعاء، وعند عودتنا أراد الكونت أن نعود بقاربه، فصحبنا إليه، وافترقنا عند هذه الكلمات: «كم سأفتقدكم!»
كانت «ماريا ناللينو» تلك السنة معي في أكثر الأوقات؛ فقد كانت فيما أظن إحدى سكرتيرات المؤتمر. كنا نخرج غالبا معا، وكانت قد فقدت عمتها التي ربتها بعد وفاة أمها، ولم تكن لديها أية عائلة قريبة، وذات يوم قالت لي محمرة الوجه: «أود أن أطلب منك شيئا، ولا أجيز لنفسي ذلك.» - بل أجيزي لنفسك يا ماريا ... قولي! - أود أن ترفعي الكلفة معي.
257
فقلت لها على الفور: أنت. وصرت أخاطبها بصيغة المفرد منذ ذلك الحين.
صفحه نامشخص