187
والدكتور «دوويه
Dewée »
188
مع زوجته وابنتيهما الصغيرتين اللتين وضعناهما على مفارش السرير. كان نظام التعتيم كليا بطبيعة الحال، وكنا نسمع في الليل أصوات الانفجارات التي كانت ترعب المسافرين الذين لم يعتادوا على مثل هذه الأمور، والذين كانت الغواصات الألمانية تتراءى لهم على طول ممر السفينة؛ فقد كانوا لا يصدقون مطلقا أنه لم يكن ثمة أية غواصة.
وخلال تمرين على الإنقاذ، لمح قائد السفينة أنني أحمل كيسا جلديا تحت زناري؛ فقال لي مبتسما: «إنها ولا شك مجوهراتك يا سيدتي؟!» فقلت: «لا، يا سيدي القائد، إنه مخطوط كتاب لزوجي.» كانت هذه المخطوطة تؤلف الجزء الثاني من كتاب «الأيام».
كانت الحياة في القاهرة عادية، وكنا نفكر بحزن بالبولينيين والفلانديين. أما الحرب بالنسبة إلى فرنسا، فقد كانت أكثر الحروب غرابة. كانت الرسائل البريدية تصل، وكنا نستمع جيدا إلى إذاعة باريس. ففي ليلة عيد الميلاد، استمعنا إلى قداس منتصف الليل يقام على خط ماجينو. كان الجنود ينشدون: «منتصف الليل يا مسيحيون.» وكانت الأبواق النحاسية تعزف لحن «إلى الميدان».
كان جامعيونا يصلون بصعوبة بالتدريج، وكنا سعيدين أن نعود للالتقاء بدو وشوري (ألكسندر كويري وزوجته
Alexandre Koyré ).
ذهبنا خلال إجازة الشتاء لقضاء عدة أيام في «تونا الجبل» في مصر الوسطى. كان طه قد خص كلية الآداب بموقع هرموبوليس الغربي، وكان صديقنا عالم الآثار سامي جبرة
صفحه نامشخص