لشاعر مُضر فَوجه إِلَيْهِ رَسُولا وَمَعَهُ مائَة دِينَار وأرحله خوفًا من هجائه
وَنزل يَوْمًا فِي بني منقر والحي خلوف فَجَاءَت أَفْعَى فَدخلت مَعَ جَارِيَة فراشها فصاحت فاحتال الفرزدق فِيهَا حَتَّى انسابت ثمَّ ضم الْجَارِيَة إِلَيْهِ فزبرته ونحته عَنْهَا فَقَالَ
(وأهْوَنُ عَيْبٍِ المِنْقَريَّةِ أنَّها ... شَدِيدٌ ببَطنِ الحنظليّ لُصُوقها)
(رَأَتْ مِنقرًا سُودًا قِصارًا وأبْصرَت ... فَتَى دارميًّا كالهلال يَروقُها)
(وَمَا أَنا هجْتُ المِنقريةَ للصِّبا ... وَلكنهَا اسْتَعصتْ عَليّ عروقها) // الطَّوِيل //
فَمَا هجاها استعدت عَلَيْهِ زيادًا فهرب إِلَى مَكَّة المشرفة فأظهر زِيَاد أَنه لَو أَتَاهُ لحباه فَقَالَ الفرزدق
(دَعانِي زِيادٌ لِلعطاء وَلم أكن ... لأقربَهُ مَا سَاق ذُو حَسبٍ وَقرَا)
(وَعندَ زِيادٍ لَو يُريدُ عَطاءهمْ ... رِجالٌ كَثيرٌ قَدْ يَرَى بِهمُ فَقْرَا)
(وإِنِّي لأخشى أنْ يَكون عطَاؤه ... إِذا هَمَّ سُودًا أَو مُحدرجةً سُمْرًا) // الطَّوِيل //
قَالَ ابْن قُتَيْبَة سُودًا يَعْنِي السِّيَاط والمحدرجة الْقُيُود وَهَذِه الْجَارِيَة يُقَال لَهَا ظمياء وَهِي عمَّة اللعين الشَّاعِر الْمنْقري
وَدخل الفرزدق مَعَ فتيَان من آل الْمُهلب فِي بركَة يتبردون فِيهَا وَمَعَهُمْ ابْن أبي عَلْقَمَة الماجن فَجعل يتفلت إِلَى الفرزدق وَيَقُول دَعونِي أنكحه فَلَا يهجونا أبدا وَكَانَ الفرزدق من أجبن النَّاس فَجعل يستغيث وَيَقُول لَا يمس جلده جلدي فَيبلغ ذَلِك جَرِيرًا فَيُوجب عَليّ أَنه قد كَانَ مِنْهُ إِلَيّ الَّذِي يَقُول فَلم يزل يناشدهم حَتَّى كفوه عَنهُ
وَركب يَوْمًا بغلته وَمر بنسوة فَلَمَّا حاذاهن لم تتمالك البغلة ضراطًا فضحكن مِنْهُ فَالْتَفت إلَيْهِنَّ وَقَالَ لَا تضحكن فَمَا حَملتنِي أُنْثَى إِلَّا ضرطت فَقَالَ إِحْدَاهُنَّ مَا حملك أَكثر من أمك فأراها قد قاست مِنْك ضراطًا عَظِيما فحرك بغلته وهرب
1 / 49