231

فإن زل عن نصحي وخالف مذهببي

قلبت له ظهر المجن ليندما فثنى نصرا من رأيه، وفتر نيته، فعاد إلى محمد معتذرا بما كان من خلاف أصحابه ورغبتهم عن أهل البيت، وأنه لو ظن ذلك بهم لم يعده نصرهم، وأومى إلى أن[يحمل إليه مالا و] يقويه بمال خمسة آلاف دينار، فانصرف محمد عنه مغضبا راجعا إلى الحجاز، فلقى في طريقه أبا السرايا السري بن منصور أحد بني ربيعة من ذهل بن شيبان، وكان قد خالف السلطان ونابذه، وعاث في نواحي السواد وكان علوي المذهب، فدعاه [محمد] إلى نفسه، فأجاب وسر بذلك ثم أدخله الكوفة، فدعاهم إلى بيعة محمد، فأجابوه جميعا حتى تكابسوا، وازدحموا عليه، وبعث الدعاة من هنالك إلى جميع النواحي، وبايعه الأشراف: محمد بن محمد بن زيد ومحمد بن جعفر بن محمد وعلي بن عبد الله وغيرهم ممن يطول ذكره، ووجه أخاه القاسم بن إبراهيم إلى مصر داعيا وخلاصة الأمر: أن أبا السرايا ما زال يشن الغارات على جنود المسودة، وينتصر عليهم، ويغنم أموالهم.

وفي خلال ذلك عرض المرض لمحمد بن إبراهيم، فدخل عليه وهو يجود بنفسه، فرأى في وجهه الموت، فقال له: يا ابن رسول الله، كل حي يموت، وكل جديد بال، فاعهد عهدك؛ فقال: أوصيك بتقوى الله، و[المقام على] الذب عن دينك، ونصرة أهل بيت نبيك، فإن نفوسهم موصولة بنفسك، وول الناس الخيرة فيمن يقوم مقامي من آل علي بن أبي طالب -عليه السلام- فإن اختلفوا، فالأمر إلى علي بن عبيد الله فإني قد بلوت طريقته، ورضيت دينه، ثم اعتقل لسانه، وهدأت جوارحه، فغمضه أبو السرايا، وسجاه، وكتم موته.

صفحه ۳۳۲