ما الحياة؟: الجانب الفيزيائي للخلية الحية
ما الحياة؟: الجانب الفيزيائي للخلية الحية
ژانرها
بين 1 / 5000 و1 / 2000 من الطول الموجي للضوء الأصفر. إن للمقارنة مغزاها لأن الطول الموجي يحدد على وجه التقريب أبعاد أصغر جسم يمكن رصده بالمجهر، وهكذا سوف يتبين أن هذا الجسم الصغير ما زال يحوي آلاف الملايين من الذرات.
والآن، لماذا تبدو الذرات شديدة الضآلة؟
يبدو واضحا أن هذا السؤال مراوغ؛ لأنه لا يقصد في الواقع حجم الذرات ، بل حجم الكائنات الحية، وبالأخص حجم ذواتنا المادية أو أجسادنا. تبدو الذرة صغيرة بالفعل بالنسبة إلى وحدات الطول المدنية التي نستخدمها، كالياردة أو المتر. في الفيزياء الذرية، من المعتاد استخدام وحدة قياس تسمى الأنجستروم (ورمزها
Å ) وهي تساوي 10
10
جزء من المتر، أو في الترقيم العشري، 0,0000000001 متر. والقطر الذري يتراوح بين 1 و2 أنجستروم. إن وحدات القياس المدنية تلك (التي تبدو الذرة متناهية الصغر بالنسبة إليها) ذات صلة وثيقة بحجم أجسادنا. هناك قصة ترجع أصل الياردة إلى الحس الفكاهي لأحد ملوك إنجلترا الذي سأله مستشاروه عن وحدة القياس التي سيعتمدونها، فمد ذراعه إلى جانبه، وقال: «خذوا المسافة من منتصف صدري إلى أطراف أصابعي، وسوف يفي هذا بالغرض.» وسواء أكانت القصة حقيقية أم لا، فهي دالة على غرضنا؛ فالملك أشار تلقائيا إلى طول يمكن مقارنته بطول جسده، مدركا أن أي شيء آخر لن يكون ملائما للغاية. ورغم ولع الفيزيائي بالأنجستروم، فإنه يفضل أن يقال له إن بزته الجديدة تحتاج إلى ست ياردات ونصف الياردة من الصوف، على أن يقال له: إنها تحتاج إلى خمسة وستين مليار أنجستروم من الصوف.
اتفقنا إذن على أن الغرض الحقيقي لسؤالنا هو إبراز النسبة بين طولين، طول جسدنا وطول الذرة، وبما أن للذرة ووجودها المستقل أولوية لا مراء فيها، فإن السؤال في الحقيقة هو: لماذا تبدو أجسادنا غاية في الضخامة مقارنة بالذرة؟
يمكنني أن أتخيل أن كثيرا من طلاب الفيزياء أو الكيمياء المتحمسين ربما يستنكرون الحقيقة القائلة إن كل عضو من أعضاء الحس في أجسادنا، الذي يشكل جزءا كبيرا منها بصورة أو بأخرى (في ضوء القيمة المذكورة عنها)؛ ومن ثم يتكون من عدد لا يحصى من الذرات، إنما هو من القوة بحيث لا يظهر عليه تأثير أي ذرة منفردة. نحن لا نستطيع أن نرى الذرات المنفردة أو نشعر بها أو نسمعها، وفرضياتنا عنها تختلف اختلافا كبيرا عن النتائج الفورية التي ترصدها أعضاء حسنا الضخمة، ولا يمكن اختبارها بالملاحظة المباشرة.
هل من مفر من ذلك؟ هل يوجد سبب جوهري لذلك ؟ هل يمكن إرجاع هذا الوضع إلى مبدأ أول، حتى نتأكد ونفهم لماذا لا يتناسب شيء ما مع قوانين الطبيعة؟
هذه قضية يستطيع الفيزيائي، هذه المرة، أن يوضحها تمام التوضيح. إن الجواب عن كل هذه التساؤلات إنما هو بالإيجاب. (5) عمل الكائن الحي يتطلب قوانين فيزيائية دقيقة
صفحه نامشخص