119

ما بعد الأیام

ما بعد الأيام

ژانرها

السراي لا تزال غاضبة على طه حسين، والحكومة كذلك غاضبة. وتبدأ الصعوبات تقابل مجلة الكاتب المصري والاتهامات أيضا:

وزارة التموين تعتذر عن إعطاء المجلة حصة من الورق، المطبعة التي تتعطل يتعذر إصلاحها، الكتب التي تطبعها الدار لا توزع، وصول المجلة إلى الأسواق العربية يتأخر، حالة المجلة وحالة الدار تتدهور.

السراي ساخطة على مقالات «المعذبون في الأرض» و«ما وراء النهر»، وأصحاب الدار لا يريدون الدخول في مشاكل وخسائر، تتزايد المضايقات ولا يستطيع طه حسين استكتاب المحررين، طه حسين يتفق مع حسن محمود سكرتير التحرير على أن يصدرا هما وحدهما عددي أغسطس وسبتمبر 1948، طه حسين يحرر عدد أغسطس 48 بكامله تقريبا، فينشر فيه ترجمته لقصة «زاديج» - أو «القدر» - تأليف «فولتير»، وحسن محمود يحرر عدد سبتمبر 48 بأكمله تقريبا، ينشر فيه ترجمته لكتاب «هيروشيما» عن إسقاط القنبلة الذرية على اليابان.

يصدر عدد أغسطس وعدد سبتمبر، ولكن محاولة إبقاء «الكاتب المصري» في الوجود تفشل، أصحاب المجلة مصممون على إغلاقها هي ودار النشر التابعة لها، طه حسين يملي الكلمة الأخيرة في العدد الأخير الذي تتوقف المجلة بعده عن الصدور، يمليها على حسن محمود في أسى شديد، يقول: «لقد أرجف المرجفون والذين يسرهم الطعن في طه حسين والذين لا يعملون ويؤذي نفوسهم أن يعمل الناس، وقالوا إن مجلة الكاتب المصري قد صدرت لنشر الصهيونية، والآن وقد انتهى عمر المجلة فإن أعدادها كلها بين يدي القراء، فهم لا يرون فيها إلا دفاعا عن مصر والعروبة وخدمة لهما بقدر الوسع والطاقة.»

وحسن محمود يقاطع ويقول: «والكتب التي نشرتها الدار هل فيها إلا ما يخدم مصر والعرب والعروبة والثقافة العربية؟ والمقالات التي نشرتها المجلة للأستاذ سيد قطب وللأستاذ سعيد العريان وللسيدة بنت الشاطئ والأستاذ سامي الدروبي والأستاذ عبد المنعم مراد وغيرهم وغيرهم، هؤلاء جميعا صهيونيون؟!»

ويسأل طه حسين: «هل لديك قائمة بالكتب التي نشرناها؟»

ويقرأ حسن محمود قائمة ببعض هذه الكتب.

يقول طه حسين: «ترجمنا إلى اللغة العربية إذن عن الإنجليزية والألمانية والفرنسية والفارسية، وقدمنا موسوعة قانونية ضخمة لعبد العزيز باشا فهمي، وترجمة عن أندريه موروا للشيخ الأستاذ عبد الحليم محمود، ونشرنا كتبا عربية لأعلام مثل الجاحظ وغيره، لقد التزمنا بما عاهدنا عليه قراء العربية فوصلناهم بعصورنا العربية والإسلامية الزاهية من جهة، وبهذا العصر الحديث الذي نعيش ويعيشون فيه من جهة أخرى.»

حسن محمود: «وحاولنا أن نضع مثلا عاليا في الترجمة وأمانتها، وفي النشر ودقته، وفي التأليف وارتفاع مستواه، وكذلك في معاملة الأدباء واحترام القراء.»

ويقول طه حسين بعد صمت قصير: «إن أصحاب الدار لم يؤدوا كل حقوق المؤلفين والمترجمين، وقد طلبت إلى نجيب الهلالي رفع دعوى لنحصل لهم على كل حقوقهم، وقد فعل.» •••

صفحه نامشخص