وما أدري ولست أخال أدري
أقوم آل حصن أم نساء
وإذا لاحظنا هنا المعنى في دلالة أسماء الأمكنة، فهي دلالة مطردة على هذا المثال في أكثر البقاع التي تسكن أو يرحل منها وإليها.
فالمنزل حيث ينزل الإنسان، والبيت حيث يبيت بالليل، وكذلك الموقع والمرجع والمأوى، وكذلك المسافة بين مكان ومكان إنما هي الموضع الذي يساف ترابه للاهتداء إلى الطريق.
وقد يدل اسم المكان بمادته على عيشة «المشاع» في البادية الأولى، فيطلق اسم «القصر» على المكان الذي يبنى مقصورا على بانيه، خلافا للبيوت والخيام التي تقام في كل مكان.
واسم المكان قبل كل شيء ما معناه؟ معناه من «التمكن» خلافا للنقلة والمنتقل بغير استقرار.
ويلاحظ هذا أيضا في الكلمات التي تدل على العشير، أو على الرابطة الاجتماعية بين الآحاد.
فالصاحب هو من يمشي معك في السفر، وكذلك الرفيق الذي يؤخذ مع الطريق وقبل الطريق، وكذلك الزميل من صحبة الزمالة، والقريب الذي يقترب من منزلك، وتناسب كلمة «العدو» للخصم الذي يعدوك أو يعدو على جوارك.
ونتتبع هذا المعنى، أو نتقراه في المعاني المجازية، فنقول المذهب للطريقة الفكرية كما نقول المنهج والمشرب والنحو والمصدر والمورد والمقام والمقامة، ونطلق السيرة على الترجمة وهي من سار يسير، ونطلق القصة على الحكاية وهي من قص الأثر، ونطلق الأثر على المخلفات وهي من بقايا المواطئ والأقدام.
وقد قلنا: نتتبع، ونتقرى، وقلنا: المجاز وكلها مما لوحظت فيه هذه الدلالة في أصولها.
صفحه نامشخص