Lessons by Sheikh Muhammad Al-Mukhtar Al-Shanqiti
دروس للشيخ محمد المختار الشنقيطي
ژانرها
وصايا للمدرسين
السؤال
فهذا السؤال حاصله أنه يدور حول ما كنا فيه من النصيحة لبعض الخريجين، لكن هنا يقول: خاصة أن معظمهم مدرسون في المدينة وخارجها نرجو نصيحتك لهم في تنظيم الوقت في طلب العلم والدعوة؟
الجواب
أما بالنسبة للتدريس والتعليم فهو من أفضل الأعمال، وأحبها إلى الله ﷾، وتعليم أبناء المسلمين وبناتهم مهمة عظيمة صعبة إلا أن ييسرها الله، وشاقة إلا أن يسهلها الله على العبد، فالأمور التي أوصي بها الإخوة الذين شرفهم الله وكرمهم بحمل هذه الأمانة العظيمة وهي: الضبط في العلم والإتقان، فكل من تقلد أمانة التعليم عليه أن يضبط هذا العلم، وأن يكون على بصيرة، ولا يقف أمام طلابه وإخوانه إلا وهو على بينة وبصيرة، قال تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ﴾ [يوسف:١٠٨]، على الإنسان إذا وقف أمام الناس يعلمهم أو يوجههم أن يكون على أرضٍ ثابتة، والحرص على الزيادة من العلم، فلا تقف عند التخرج أو عند المعلومات التي وفقك الله إليها، ولكن تجاوز ذلك إلى الضبط والتحصيل والزيادة في العلم.
والأمر الثاني الذي يوصى به من تقلد أمانة التعليم: الصبر في التوجيه، خاصة أثناء إلقاء الدروس والمواد على الطلاب، فإن الطلاب ربما تكون منهم الهنات والزلات، ولربما يكون منهم التقصير في الضبط والإتقان، ولربما يأتيك العيي بعيه، ويأتيك أيضًا الجاهل بجهله، فيحتاج منك إلى صبر وحلم ورفق، وأن يكون صدرك منشرحًا للقيام بهذه الأمانة على أتم الوجوه في تعليمه وتوجيهه وتربيته، والصبر من أهم الأمور التي تعين على نجاح المعلم في تعليمه.
وينبغي كذلك أن يقرن هذا الصبر باحتساب الأجر عند الله ﷾، فكل من احتسب أجره عند الله، وعلم أنه سيتعب وينصب وأن الله سيأجره، هانت عليه المصاعب والمتاعب، وأصبح قويًا في تحمل هذه المشاق، فأوصي بالصبر! الأمر الثالث الذي أوصي به: أن يقرن هذا العلم بالتربية، فكوننا نعطي الأبناء والبنات معلومات جافة، بعيدة عن الروحانية والتربية المأخوذة من كتاب الله وسنة النبي ﷺ الصحيحة الثابتة عنه، هذا أمرٌ محل نظر.
فلا بد أن نربيهم؛ بالآداب والأخلاق وهدي السلف الصالح رحمة الله عليهم، في أدب طلبة العلم، وأدبهم أيضًا في الحقوق العامة، وحقوق الوالدين والأقارب، فينبغي أن يخرج من بين يديك هذا الابن وقد جمع بين العلم وبين التربية، فلا يكفي أن نلقي هذه المعلومات هكذا سردًا، لا، بل ينبغي أن نقرنها بالتربية لأبناء المسلمين وبناتهم.
وهذه التربية تحتاج منا إلى تفقد مشاكل الأبناء والبنات والطلاب والطالبات، والنزول لهم بالتواضع والحلم، فلا يستطيع الطالب أن يبث مشاكله، ولا أن يبدي ما في نفسه إلا إذا وجد معلمًا حليمًا رحيمًا، ووجد يدًا حانية تأخذه بلطف وحنان ورحمة.
فإذا وفق الله المعلم لذلك جمع الله له بين العلم والتربية، وكان لعمله خيرٌ كثير، وهذا أمر قلَّ من يوفق له، قضية أن نفتح صدورنا إلى مشاكلهم وما يكون لهم من أمور تحتاج إلى توجيه وإرشاد وتربية.
الأمر الرابع: التعاون والتكاتف والتعاطف والتراحم والتواصل بين طلاب العلم، المعلمون والمعلمات يحتاجون دائمًا إلى أن يتصل بعضهم ببعض لكي يستفيد بعضهم من بعض، وكون الإنسان يحس أنه في كمال وأنه في غنىً عن إخوانه فإنه في نقص، ولذلك قالوا: من اعتقد الكمال فقد نقص، وأصلًا الإنسان من حيث هو ناقص إلا أن يكمله الله ﷿، ولذلك ينبغي أن يحرص المعلمون على الاستفادة من إخوانهم وأن يتواضعوا ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا، ونسأل الله العظيم أن يأخذ بالأيدي إلى ما يحبه ويرضاه، والله تعالى أعلم.
8 / 27