فتح صنعان عينيه على صوت أم السعد وهي تقول «ماذا أخرك في النوم؟» .. أشعلت الشمعدان فجعل ينظر فيما حولها بذهول .. إن يكن حلما فما له يمتلئ به أكثر من اليقظة نفسها؟! .. إنه حي لدرجة تجلب الذعر .. رغم ذلك ابتل ريقه برحيق النجاة فهيمن عليه هدوء وامتنان .. رد العالم إلى نظامه بعد خراب شامل ونعم بعذوبة الحياة بعد عذاب الجحيم .. تنهد قائلا: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
نظرت أم السعد نحوه وهي تدس خصلات مبعثرة من شعرها داخل منديل رأسها وقد طمس النوم على رونق وجهها بطبقة زيتية، فقال ثملا بالنجاة: الحمد لله الذي أنقذني من كرب عظيم. - الله يحفظنا يا أبا فاضل. - حلم فظيع يا أم السعد. - خيرا إن شاء الله.
وقادته إلى الحمام فأشعلت مصباحا في كوة، وتبعها وهو يقول: قضيت شطرا من الليل مع عفريت. - كيف وأنت الرجل التقي؟ - سأقصه على الشيخ عبد الله البلخي، اذهبي الآن بسلام لأتوضأ.
راح يتوضأ .. عندما هم بغسل ساعده اليسرى توقف مرتعدا. - رباه!
جعل ينظر بذهول إلى جرح كالعضة .. ليس وهما ما يرى؛ فمن مغارز الأنياب يبض الدم.
دار رأسه وغمغم: هذا هو المستحيل.
فزع قائما وهرول نحو المطبخ، تساءلت أم السعد وهي توقد الكانون: توضأت؟
مد إليها ساعده قائلا: انظري!
شهقت المرأة متسائلة: ماذا عضك؟ - لا أدري.
فاستحوذ عليها القلق وقالت: نمت على خير حال! - لا أدري ماذا حصل. - لو حدثت في النهار ...
صفحه نامشخص