257

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

ناشر

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

شماره نسخه

الثانية

سال انتشار

۱۴۰۲ ه.ق

محل انتشار

دمشق

مَرَارَةَ تَعَلُّقِهَا بِالْهَيُولَى ثُمَّ يُخَلِّصُهَا، أَوْ لِتَسْتَفِيدَ بِذَلِكَ كَمَالَاتٍ، ثُمَّ يُخَلِّصُهَا بَعْدَ ذَلِكَ، قَالَ: وَلِهَذَا يَقُولُ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الرَّازِيُّ - مِنْ فَلَاسِفَةِ الْإِسْلَامِ -: لَا لَذَّةَ إِلَّا عَدَمُ الْأَلَمِ، وَغَايَةُ سَعَادَةِ النَّفْسِ خَلَاصُهَا مِنَ الْأَلَمِ الْحَاصِلِ بِتَعَلُّقِهَا بِالْهَيُولَى.
وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْخَطِيبِ الرَّازِيُّ - يَعْنِي الْفَخْرَ - وَبَعْضُ مَنْ يَأْتَمُّ بِهِ يُرَجِّحُونَ الْقَوْلَ، وَبِهِ يُجِيبُ هَؤُلَاءِ عَنِ الْحُجَّةِ الْمَشْهُورَةِ لِلْفَلَاسِفَةِ وَيُسَمُّونَهُ - الْجَوَابَ الْبَاهِرَ - قَالَ فِي مُحَصِّلِهِ - وَذِكْرُ مَا هُوَ شَبِيهٌ بِالْخُرَافَةِ وَهُوَ بِمَعْزِلٍ عَنْ كَلَامِ أَهْلِ الشَّرَائِعِ وَالدِّينِ وَالنُّبُوَّاتِ وَمَنَاهِجِ الْمُرْسَلِينَ.
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَوَّحَ اللَّهُ رُوحَهُ - وَهَذَا الْمَذْهَبُ مِنْ أَفْسَدِ مَذَاهِبِ الْعَالِمِ، قَالَ: وَهُوَ يُشْبِهُ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ مَذْهَبَ الْمَجُوسِ الْقَائِلِينَ بِالْأَصْلَيْنِ الْقَدِيمَيْنِ، النُّورِ وَالظُّلْمَةِ، قَالَ: وَالرُّسُلُ ﵈ وَأَتْبَاعُهُمْ أَهْلُ الْمِلَلِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَالِقٌ لِكُلِّ مَا سِوَاهُ فَلَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ قَدِيمٌ بِقِدَمِهِ لَا نَفْسٌ وَلَا عَقْلٌ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْيَانِ، سَوَاءٌ سُمِّيَ خَلَاءً أَوْ دَهْرًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
وَلَمَّا كَانَ أَهْلُ الْمِلَّةِ مُخْتَلِفَةً فَمِنْهُمْ، مَنْ نَفَى الصِّفَاتَ مِنْ أَصْلِهَا وَأَثْبَتَ الْأَسْمَاءَ، وَهُمُ الْمُعْتَزِلَةُ، وَمِنْهُمْ مَنْ نَفَى الصِّفَاتَ الْخَبَرِيَّةَ وَالْأَفْعَالَ الِاخْتِيَارِيَّةَ أَنْ تَقُومَ بِذَاتِهِ تَعَالَى، وَأَثْبَتَ السَّبْعَ الصِّفَاتَ كَالْأَشْعَرِيَّةِ، وَمَنْ وَافَقَهُمْ، وَكَانَ مَذْهَبُ السَّلَفِ وَسَائِرِ الْأَئِمَّةِ وَجُمْهُورِ الْأُمَّةِ إِثْبَاتَ الصِّفَاتِ الذَّاتِيَّةِ وَالْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى وَالصِّفَاتِ الْخَبَرِيَّةِ وَصِفَاتِ الْأَفْعَالِ الِاخْتِيَارِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى حَثَّكَ عَلَى الِاتِّبَاعِ لِسَلَفِ الْأُمَّةِ، وَحَذَّرَكَ مِنَ الِابْتِدَاعِ وَمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ وَأَعْيَانِ الْأَئِمَّةِ، فَقَالَ (فَاحْذَرْ مِنَ النُّزُولِ) مِنْ ذُرْوَةِ الْإِيمَانِ، وَسَنَامِ الدِّينِ وَالْإِيقَانِ، وَأَوْجِ الرِّفْعَةِ وَالْعِرْفَانِ إِلَى حَضِيضِ الِابْتِدَاعِ وَقَاذُورَاتِ الِاخْتِرَاعِ، فَإِنَّ السَّلَامَةَ كُلَّ السَّلَامَةِ فِي اتِّبَاعِ الرَّعِيلِ الْأَوَّلِ، وَالسِّرْبِ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُعَوِّلُ لَا مَا ابْتَدَعَتْهُ فُرُوخُ الْجَهْمِيَّةِ وَانْتَحَلَتْهُ أَسَاطِينُ الْفَلَاسِفَةِ مِنْ فِرَقِ الْمَشَّائِيَةِ وَالْإِشْرَاقِيَّةِ.
[قوله إن صفات الله تعالى قديمة وما أورد عليه]
(فَسَائِرُ الصِّفَاتِ) الذَّاتِيَّةِ مِنَ الْحَيَاةِ وَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْعِلْمِ وَالْكَلَامِ وَغَيْرِهَا وَسَائِرُ الصِّفَاتِ الْخَبَرِيَّةِ مِنَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالْقَدَمِ، وَالْعَيْنَيْنِ وَنَحْوِهَا «وَ» سَائِرُ صِفَاتِ «الْأَفْعَالِ» مِنَ الِاسْتِوَاءِ

1 / 257