لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

Muhammad ibn Ahmad al-Saffarini d. 1188 AH
121

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

ناشر

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

شماره نسخه

الثانية

سال انتشار

۱۴۰۲ ه.ق

محل انتشار

دمشق

الْمُحَلَّى، وَوَضْعِهِ الْحِلْيَةَ عَلَى الْمُحَلَّى، فَهُنَا ثَلَاثُ حَقَائِقَ: اسْمٌ وَمُسَمًّى وَتَسْمِيَةٌ، كَحِلْيَةٍ وَمُحَلًّى وَتَحْلِيَةٍ، وَعَلَامَةٍ وَمُعَلَّمٍ وَتَعْلِيمٍ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى جَعْلِ لَفْظَيْنِ مِنْهَا مُتَرَادِفَيْنِ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ لِتَبَايُنِ حَقَائِقِهَا. فَإِذَا جُعِلَ الِاسْمُ هُوَ الْمُسَمَّى، بَطُلَ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الْحَقَائِقِ الثَّلَاثَةِ وَلَا بُدَّ. فَإِنْ قِيلَ: مَا شُبْهَةُ مَنْ قَالَ بِاتِّحَادِهِمَا؟ فَالْجَوَابُ: شُبْهَتُهُ أَشْيَاءُ، مِنْهَا أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - هُوَ وَحْدَهُ الْخَالِقُ، وَمَا سِوَاهُ مَخْلُوقٌ، فَلَوْ كَانَتْ أَسْمَاؤُهُ غَيْرَهُ، لَكَانَتْ مَخْلُوقَةً، وَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ اسْمٌ فِي الْأَزَلِ وَلَا صِفَةٌ ; لِأَنَّ أَسْمَاءَهُ صِفَاتٌ، وَهَذَا أَعْظَمُ مَا قَادَ مُتَكَلِّمِي الْإِثْبَاتِ إِلَى الْقَوْلِ بِاتِّحَادِهِمَا، وَالْجَوَابُ عَنْ كَشْفِ هَذِهِ الشُّبْهَةِ أَنَّ مَنْشَأَ الْغَلَطِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ إِطْلَاقِ أَلْفَاظٍ مُجْمَلَةٍ مُحْتَمِلَةٍ لِمَعْنَيَيْنِ حَقٍّ وَبَاطِلٍ، فَلَا يَنْفَصِلُ النِّزَاعُ إِلَّا بِتَفْصِيلِ تِلْكَ الْمَعَانِي وَتَنْزِيلِ أَلْفَاظِهَا عَلَيْهَا، وَلَا رَيْبَ أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ مَوْصُوفًا بِصِفَاتِ الْكَمَالِ الْمُشْتَقَّةِ أَسْمَاؤُهُ مِنْهَا، فَلَمْ يَزَلْ بِصِفَاتِهِ وَأَسْمَائِهِ، وَهُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَالصِّفَاتُ الْعُلَى، وَصِفَاتُهُ وَأَسْمَاؤُهُ دَاخِلَةٌ فِي مُسَمَّى اسْمِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُطْلَقُ عَلَى الصِّفَةِ أَنَّهَا إِلَهٌ يَخْلُقُ وَيَرْزُقُ، فَلَيْسَتْ صِفَاتُهُ وَأَسْمَاؤُهُ غَيْرَهُ، وَلَيْسَتْ هِيَ نَفْسَ الْإِلَهِ، وَبَلَاءُ الْقَوْمِ مِنْ لَفْظَةِ الْغَيْرِ، فَإِنَّهَا يُرَادُ بِهَا مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْمُغَايِرُ لِتِلْكَ الذَّاتِ الْمُسَمَّاةِ بِاللَّهِ، وَكُلُّ مَا غَايَرَ اللَّهَ مُغَايَرَةً مَحْضَةً بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، فَلَا يَكُونُ إِلَّا مَخْلُوقًا، وَيُرَادُ بِهِ مُغَايَرَةَ الصِّفَةِ لِلذَّاتِ إِذَا جُرِّدَتْ عَنْهَا، فَإِذَا قِيلَ: عِلْمُ اللَّهِ وَكَلَامُ اللَّهِ غَيْرُهُ، بِمَعْنَى أَنَّهُ غَيْرُ الذَّاتِ الْمُجَرَّدَةِ عَنِ الْعِلْمِ وَالْكَلَامِ، كَانَ الْمَعْنَى صَحِيحًا، وَلَكِنَّ الْإِطْلَاقَ بَاطِلٌ، فَإِذَا أُرِيدَ أَنَّ الْعِلْمَ وَالْكَلَامَ مُغَايِرٌ لِحَقِيقَتِهِ الْمُخْتَصَّةِ الَّتِي امْتَازَ بِهَا عَنْ غَيْرِهِ، كَانَ بَاطِلًا لَفْظًا وَمَعْنًى. وَبِهَذَا أَجَابَ أَهْلُ السُّنَّةِ الْمُعْتَزِلَةَ الْقَائِلِينَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ، وَقَالُوا: كَلَامُهُ - تَعَالَى - دَاخِلٌ فِي مُسَمَّى اسْمِهِ، فَاللَّهُ - تَعَالَى - اسْمٌ لِلذَّاتِ الْمَوْصُوفَةِ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ، وَمِنْ تِلْكَ الصِّفَاتِ صِفَةُ الْكَلَامِ، كَمَا أَنَّ عِلْمَهُ وَقُدْرَتَهُ وَحَيَاتَهُ، وَسَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ، وَإِذَا كَانَ الْقُرْآنُ كَلَامَهُ، وَهُوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ، فَهُوَ مُتَضَمِّنٌ لِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى، فَإِذَا كَانَ الْقُرْآنُ غَيْرَ مَخْلُوقٍ، وَلَا يُقَالُ أَنَّهُ غَيْرُ اللَّهِ، فَكَيْفَ يُقَالُ إِنَّ بَعْضَ مَا تَضَمَّنَهُ - وَهُوَ أَسْمَاؤُهُ - مَخْلُوقَةٌ وَهِيَ غَيْرُهُ، فَقَدْ حَصْحَصَ الْحَقُّ بِحَمْدِ اللَّهِ،

1 / 121