لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
ناشر
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
شماره نسخه
الثانية
سال انتشار
۱۴۰۲ ه.ق
محل انتشار
دمشق
ژانرها
عقاید و مذاهب
تَسْمِيَةُ اللَّهِ لِلْخَلْقِ، فَهُوَ غَيْرُ الِاسْمِ ; لِأَنَّهُمْ مَخْلُوقُونَ وَكَذَلِكَ أَسْمَاؤُهُمْ. وَقَالَ الْقَاضِي أَيْضًا: الِاسْمُ غَيْرُ الْمُسَمَّى. وَقَالَ أَخِيرًا: الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّ الْوَصْفَ لَيْسَ هُوَ الصِّفَةَ ; لِأَنَّ الْوَصْفَ حُرُوفٌ، وَالصِّفَةُ مَعْنًى يَرْجِعُ إِلَى ذَاتِ الْمَوْصُوفِ، وَهِيَ هَيْئَةٌ فِيهِ لَيْسَتْ حُرُوفًا. قَالَ: وَأَمَّا الِاسْمُ وَالتَّسْمِيَةُ فَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَإِنَّ التَّسْمِيَةَ هِيَ الِاسْمُ ; لِأَنَّ الْجَمِيعَ بِحُرُوفٍ، فَهِيَ كَالتِّلَاوَةِ وَالْمَتْلُوِّ ; لِأَنَّ الْجَمِيعَ حُرُوفٌ، وَالْمُسَمَّى هُوَ الذَّاتُ. انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ بَطَّةَ: لَا يُقَالُ فِي اسْمِ اللَّهِ أَنَّهُ غَيْرُهُ وَلَا هُوَ. انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ حَمْدَانَ. وَقَالَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي بَدَائِعِ الْفَوَائِدِ: اللَّفْظُ الْمُؤَلَّفُ مِنَ الزَّايِ وَالْيَاءِ وَالدَّالِ مَثَلًا لَهُ حَقِيقَةٌ مُتَمَيِّزَةٌ مُتَحَصِّلَةٌ، فَاسْتَحَقَّ أَنْ يُوضَعَ لَهُ لَفْظٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ شَيْءٌ مَوْجُودٌ فِي اللِّسَانِ، مَسْمُوعٌ بِالْآذَانِ، فَاللَّفْظُ الْمُؤَلَّفُ مِنْ هَمْزَةِ الْوَصْلِ وَالسِّينِ وَالْمِيمِ عِبَارَةٌ عَنِ اللَّفْظِ الْمُؤَلَّفِ مِنَ الزَّايِ وَالْيَاءِ وَالدَّالِ مَثَلًا، وَاللَّفْظُ الْمُؤَلَّفُ مِنَ الزَّايِ وَالْيَاءِ وَالدَّالِ عِبَارَةٌ عَنِ الشَّخْصِ الْمَوْجُودِ فِي الْأَعْيَانِ وَالْأَذْهَانِ، وَهُوَ الْمُسَمَّى وَالْمَعْنَى، وَاللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَيْهِ هُوَ الِاسْمُ، وَهَذَا اللَّفْظُ أَيْضًا قَدْ صَارَ مُسَمًّى مِنْ حَيْثُ كَانَ لَفْظُ الْهَمْزَةِ وَالسِّينِ وَالْمِيمِ عِبَارَةً عَنْهُ، فَقَدْ بَانَ لَكَ أَنَّ الِاسْمَ فِي أَصْلِ الْوَضْعِ لَيْسَ هُوَ الْمُسَمَّى، وَلِهَذَا تَقُولُ: سَمَّيْتُ هَذَا الشَّخْصَ بِهَذَا الِاسْمِ، كَمَا تَقُولُ حَلَّيْتُهُ بِهَذِهِ الْحِلْيَةِ، فَالْحِلْيَةُ غَيْرُ الْمُحَلَّى، فَكَذَلِكَ الِاسْمُ غَيْرُ الْمُسَمَّى، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ سِيبَوَيْهِ، وَأَخْطَأَ مَنْ نَسَبَ إِلَيْهِ غَيْرَ هَذَا، وَادَّعَى أَنَّ مَذْهَبَهُ اتِّحَادُهُمَا. قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: وَمَا قَالَ نَحْوِيٌّ قَطُّ، وَلَا عَرَبِيٌّ أَنَّ الِاسْمَ هُوَ الْمُسَمَّى، وَيَقُولُونَ: أَجَلٌ مُسَمًّى، وَلَا يَقُولُونَ: أَجَلٌ اسْمٌ، وَيَقُولُونَ: مُسَمَّى هَذَا الِاسْمِ كَذَا، وَلَا يَقُولُ أَحَدٌ: اسْمُ هَذَا الِاسْمِ كَذَا، وَيَقُولُونَ: بِسْمِ اللَّهِ، وَلَا يَقُولُونَ: بِمُسَمَّى اللَّهِ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " «لِلَّهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا» "، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ مُسَمًّى، وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ جِدًّا.
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْبَدَائِعِ: وَإِذَا ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الِاسْمِ وَالْمُسَمَّى، فَبَقِيَ هُنَا التَّسْمِيَةُ، وَهِيَ اغْتَرَّ بِهَا مَنْ قَالَ بِاتِّحَادِ الِاسْمِ وَالْمُسَمَّى، وَالتَّسْمِيَةُ عِبَارَةٌ عَنْ جَعْلِ الْمُسَمَّى وَوَضْعِهِ الِاسْمَ لِلْمُسَمَّى، كَمَا أَنَّ التَّحْلِيَةَ عِبَارَةٌ عَنْ فِعْلِ
1 / 120